كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)
-[مذاهب العلماء في حكم تقسيم الصدقة في الأصناف الثمانية]-
.....
__________
ففي رواية أحمد بن منيع المذكورة قال سعيد بن جبير ولا نعلم هذه إلا لهذه المرأة وحدها، ووقع عند أبي داود من حديث يوسف بن عبد الله بن سلام عن أم معقل في آخر حديثها قال فكانت تقول الحج حجة والعمرة عمرة. وقد قال هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لي فما أدري أليَ خاصة تعني أو للناس عامة اهـ. والظاهر حمله على العموم كما تقدم. والسبب في التوقف استشكال ظاهره وقد صح جوابه. والله أعلم أفاده الحافظ
(خاتمة في مذاهب الأئمة)
في كيفية تقسيم الصدقة على الأصناف الثمانية المذكورة في كتاب الله عز وجل
اختلف أهل العلم والفقهاء في كيفية قسم الصدقات وفي جواز صرفها إلى بعض الأصناف فذهب جماعة إلى أنه لابد من صرف الزكاة للأصناف الثمانية لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث زياد بن الحارث الصدائي المذكور في الزوائد "فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك" أي نصيبك منها. وإلى هذا ذهب (عكرمة وعمرو بن عبد العزيز والزهري وداود والشافعي) (وقال إبراهيم النخعي) إذا كان مال الزكاة كثير أعممت الأصناف لزومًا. وإن كان قليلاً جاز أن يوضع في صنف واحد (وقال مالك) يقدم الأحوج ولا يلزم التعميم (وقال أبو ثور) أن قسمة الإمام لزم تعميم الأصناف، وأن قسمة رب المال جاز صرفه في صنف واحد. والمعتمد عند الشافعية لزوم التعميم أن قسم الإمام، وكذا أن قسم المالك وكانوا محصورين (وذهب أبو حنيفة وأصحابه وأحمد) والنخعي وعطاء والثوري وأبو عبيد إلى استحباب تعميم الأصناف إن أمكن، وجواز صرفها إلى بعض ولو شخصًا واحدًا. وهو قول عمر وعلي وابن عباس ومعاذ وحذيفة وكثيرين من الصحابة. ومن التابعين سعيد بن جبير والحسن والضحاك. واستدلوا بما روى الطبري في التفسير عن ابن عباس في قوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء - الآية} أنه قال في أي صنف وضعته أجزأك وروى نحوه ابن أبي شيبة عن عمر وحذيفة وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وابي العالية وميمون بن مهران (والظاهر ما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك) ومن وافقهما لما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال أنه صلى الله عليه وسلم أتاه مال فجعله في صنف المؤلفة قلوبهم الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وعلقمة بن علاقة وزيد الخيل قسم فيهم الذهبية التي بعث بها معاذ من اليمن. ثم أتاه مال آخر فجعله في صنف آخر وهم الغارمون. فقال لقبيصة بن المخارق حين أتاه وقد تحمل حمالة يا قبيصة أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بني زريق بدفع صدقتهم إلى سلمة بن صخر البياض، ولو وجب صرفها إلى جميع الأصناف لما صرفها صلى الله عليه وسلم إلى واحد، والآية ليس فيها تعميم جميع الأصناف وإنما سمى الله تعالى