كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[عدم جواز استعمال آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقة]-
ثم اضطجع قال فلما صلى الظهر (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) سبقناه إلى الحجرة فقمنا عندها حتى مر بنا فأخذ بأيدينا، ثم قال أخرجا ما تصرران (1) ودخل فدخلنا معه وهو حينئذ في بيت زينب بنت جحش، قال فكلمناه فقلنا يا رسول الله جئناك لتؤمِّرنا على هذه الصدقات فنصيب ما يصيب الناس من المنفعة ونؤدي إليك ما يؤدي الناس، قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع رأسه إلى سقف البيت حتى أردنا أن نكلمه، فأشارت إلينا زينب من وراء حجابها كأنها تنهانا عن كلامه، وأقبل فقال ألا إن الصدقة لا تبتغى لمحمدٍ ولا لآل محمدٍ (2) إنما هي أوساخ الناس ادعوا لي محمية بن جزءٍ (3) وكان على العشر (4) وأبا سفيان
__________
لمسلم أنا أبو حسن القرم بتنوين حسن، والقرم بفتح القاف وسكون الراء بعدها ميم مضمومة وهو السيد، وأصله فحل الإبل (قال الخطابي) معناه المقدم في المعرفة بالأمور والرأي كالفحل، هذا أصح الأوجه في ضبطه (1) بضم التاء وفتح الصادق المهملة وكسر الراء وبعدها راء أخرى، ومعناه تجمعانه في صدوركما من الكلام وكل شيء جمعته فقد صررته (2) في هذا دليل على أن الصدقة محرمة على النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته سواء أكانت بسبب العمل أم لسبب الفقر والمسكنة وغيرهما من الأسباب الثمانية (قال النووي) وهذا هو الصحيح عند أصحابنا، وجوز بعض أصحابنا لبني هاشم وبني المطلب العمل عليها بسهم العامل لأنه إجارة، وهذا ضعيف أو باطل، وهذا الحديث صريح في رده، وفي قوله صلى الله عليه وسلم "إنما هي أوساخ الناس" تنبيه على العلة في تحريمها على بني هاشم وبني المطلب. وأنها لكرامتهم وتنزيههم عن الأوساخ، ومعنى أوساخ الناس أنها تطهير لأموالهم ونفوسهم كما قال تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} فهي كغسالة الأوساخ (3) أما محمية بميم مفتوحة ثم حاء مهملة ساكنة ثم ميم أخرى مكسورة ثم ياء مخففة (وأما جزء) فجيم مفتوحة ثم زاي ساكنة ثم همزة هذا هو الأصح (قال القاضي عياض) هكذا تقوله عامة الحفاظ وأهل الإتقان ومعظم الرواة، وقال عبد الغني بن سعيد (جزى) بكسر الزاي يعني وبالباء (التحتية) وكذا وقع في بعض النسخ في بلادنا (قال القاضي) وقال أبو عبيد هو عندنا جز مشدد الزاي أفاده النووي (4) في رواية لمسلم ادعوا لي محمية بن جزء وهو رجل من بني أسد كان

الصفحة 78