كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[تحقيق تحريم الصدقة على آل البيت ولو من بعضهم لبعض ودحض حجج المجوزين لذلك]-
.....
__________
(قال الحافظ) وعند المالكية في ذلك أربعة أقوال مشهورة. الجواز. المنع. جواز التطوع دون الفرض. عكسه. والأحاديث الدالة على التحريم على العموم تردّ على الجميع، وقد قيل إنها متواترة تواترًا معنويًا، ويؤيد ذلك قوله تعالى {قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى} وقوله {قل ما أسألكم عليه من أجر} ولو أحلها لآله أو شك أن يطعنوا فيه. ولقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن الصدقة أوساخ الناس كما تقدم عند الإمام أحمد ومسلم (قال الشوكاني) وأما ما استدل به القائلون بحلها للهاشمي من الهاشمي من حديث العباس الذي أخرجه الحاكم في النوع السابع والثلاثين من علوم الحديث بإسناد كله من بني هاشم أن العباس بن عبد المطلب قال قلت يا رسول الله إنك حرّمت علينا صدقات الناس هل تحل علينا صدقات بعضنا لبعض؟ قال نعم فهذا الحديث قد
اتهم بعض رواته وأطال صاحب الميزان الكلام في ذلك فليس بصالح لتخصيص تلك العمومات الصحيحة (وأما قول العلامة) محمد بن إبراهيم الوزير بعد أن ساق الحديث ما لفظه "واحسب له متابعًا لشهرة القول به قال والقول قول جماعة وافرة من أئمة العترة وأولادهم وأتباعهم، بل ادعى بعضهم أنه إجماعهم، ولعل توارث هذا بينهم يقوي الحديث اهـ" فكلام ليس على قانون الاستدلال، لأن مجرد الحسبان أن له متابعًا وذهاب جماعة من أهل البيت إليه لا يدل على صحته (وأما) دعوى أنهم أجمعوا عليه فباطل باطل ومطولات مؤلفاتهم مختصراتها شاهدة لذلك (وأما قول الأمير) في المنحة أنها سكنت نفسه إلى هذا الحديث بعد وجدان سنده وما عضده من دعوى الإجماع فقد عرفت بطلان دعوى الإجماع، وكيف يصح إجماع لأهل البيت والقاسم والهادي والناصر والمؤيد بالله وجماعة من أكابر بل جمهورهم خارجون عنه (وأما) مجرد وجدان السند للحديث بدون كشف عنه فليس مما يوجب سكون النفس (والحاصل) أن تحريم الزكاة على بني هاشم معلوم من غير فرق بين أن يكون المزكي هاشميًا أو غيره فلا ينفق (أي يروج) من المعاذير عن هذا المحرم المعلوم إلا ما صح عن الشارع لا ما لفقه الواقعون في هذه الورطة من الأعذار الواهية التي لا تخلّصن ولا ما لم يصح من الأحاديث المروية من التخصيص، ولكثرة أكلة الزكاة من بني هاشم في بلاد اليمن خصوصًا أرباب الرياسة قالم بعض العلماء منهم في الذب عنهم وتحليل ما حرم الله عليهم مقامًا لا يرضاه الله ولا نُقَّاد العلماء فألف في ذلك رسالة هي في الحقيقة كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا، وصار يتسلى بها أرباب النباهة منهم، وقد يتعلق بعضهم بما قاله البعض منهم إن أرض اليمن خراجية، وهو لا يشعر أن هذه المقالة مع كونها من أبطل الباطلات ليست مما يجوز التقليد فيه على مقتضى أصولهم

الصفحة 83