كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)

-[زوائد الباب- ومذاهب الأئمة فيمن يجوز له السؤال]-
.....
__________
جابر بن عبد الله رضى الله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سأل وهو غني عن المسألة يخشر يوم القيامة وهي خموش في وجهه؛ رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون (وعن مسعود بن عمرو) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزال العبد يسأل وهو غني حتى يخلق وجهه فما يكون له عند الله وجه؛ أورده المنذري وقال رواه البزار والطبراني في الكبير وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى "وقوله حتى يخلق وجهه" أي يضيع ماء وجهه ورونقه بالسؤال في الدنيا ثم يعذب في الآخرة في وجهه حتى يسقط لحمه كما صرف بالسؤال ماء وجهه فيكون الجزاء من جنس العمل والله أعلم (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل الناس في غير فاقة نزلت به أو عيال لا يطيقهم جاء يوم القيامة بوجه ليس عليه لحم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتح على نفسه باب مسألة من غير فاقة نزلت به أو عيال لا يطيقهم فتح الله عليه باب فاقة من حيث لا يحتسب، أورده المنذري وقال رواه البيهقي وهو حديث جيد في الشواهد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على عدم جواز السؤال لغير حاجة وعلى الوعيد الشديد لمن وجد ما يكفيه وسأل الناس، وقد جاء في بعض الأحاديث أن الذي يكفيه خمسون درهمًا، وفي بعضها أوقية من فضة وهي أربعون درهمًا؛ وفي بعضها أن من وجد ما يغديه ويعشيه (بالجمع) كما في رواية أبي داود، أو يغديه أو يعشيه (بالتخيير) كما في رواية الإمام أحمد يحرم عليه سؤال صدقة التطوع، فعلى رواية التخيير يكون المعنى أن الإنسان إذا حصل له أكلة واحدة في النهار غداء أو عشاء كفته واستغنى بها، وعلى رواية الجمع يكون المعنى أنه إذا حصل في يومه أكلتان كفتاه، وقيل إن (أو) في رواية الإمام أحمد بمعنى الواو جمعًا بينها وبين رواية أبي داود، وإلى ذلك ذهب الجمهور. واستدلوا بحديث ما أغناك الله فلا تسأل الناس شيئًا، رواه ابن عبد البر عن عطية السعدي (قال الطيبي) من كان له قوت هذين الوقتين لا يجوز له أن يسأل في ذلك اليوم من صدقة التطوع، وأما في الزكاة المفروضة فيجوز للمستحق أن يسألها بقدر ما يتم به نفقة سنة له ولعياله وكسوتهم، لأن تفريقها في السنة مرة واحدة اهـ (قلت) هذا يتجه إذا لم يمكنه التكسب طول العام لمرض يعتريه أحيانًا أو كبر أو نحو ذلك وإلا فلا (وقال الخطابي) قد أختلف العلماء في تأويل ذلك، فقال بعضهم من وجد غداء يومه وعشائه لم تحل له المسألة على ظاهر الحديث. وقال بعضهم إنما هو فيمن وجد غداء وعشاء على دائم الأوقات، فإذا كان عنده ما يكفيه لقوته المدة الطويلة حرمت عليه المسألة. وقال آخرون هذا منسوخ بالأحاديث التي تقدم ذكرها اهـ (قلت) يعني الأحاديث التي فيها تقدير الغني بملك خمسين درهمًا أو قيمتها أو بملك أوقية أو قيمتها؛ ودعوى النسخ مردودة

الصفحة 98