كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 9)
-[مذاهب العلماء فيمن يجوز له السؤال وبعض مناقب حكيم بن حزام رضى الله عنه]-
(2) باب ما جاء في اليد العليا واليد السفى
(144) عن حكيم بن حزامٍ (1) رضى الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني؛ ثم قال إن هذا المال خضرةٌ حلوةٌ (2) فمن أخذه بحقه (3) بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف
__________
بأنه لا تعارض بين الأحاديث حتى يدعى النسخ، ويمكن الجمع بينها بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم ما يغني كل واحد فخاطبه بما يناسبه فإن الناس مختلفون في قدر كفايتهم فمنهم من لا يكفيه أقل من خمسين درهمًا، ومنهم من لا يكفيه أقل من أربعين، ومنهم من يكون له كسب في كل يوم يقوم بكفايته أوّلا فأوّلا فيكون به غنيًا فلا يسأل والله أعلم (قال المنذري) رحمه الله كان الشافعي رحمه الله يقول قد يكون الرجل بالدرهم غنيًا مع كسبه ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه وكثرة عياله، وقد ذهب سفيان الثوري وابن المبارك والحسن بن صالح وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه إلى أن من له خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب لا يدفع إليه شيء من الزكاة، وكان الحسن البصري وأبو عبيد يقولان من له أربعون درهمًا فهو غني، وقال أصحاب الرأي (ومنهم أبو حنيفة رحمه الله) يجوز دفعها إلى من يملك دون النصاب وإن كان صحيحًا مكتسبًا مع قولهم من كان له قوت يومه لا يحل له السؤال استدلالاً بهذا الحديث وغيره اهـ (قلت) يعني حديث سهل بن الحنظلية وما جاء في معناه، وقد جمع الشوكاني بين مختلف الأحاديث في هذا الباب بأن القدر الذي يحرم السؤال عنده هو أكثرها وهو الخمسون عملاً بالزيادة. والله أعلم.
(144) عن حكيم بن حزام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري سمع عروة وسعيد بن المسيب يقولان سمعنا حكيم بن حزام يقول سألت النبي صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (1) حكيم بفتح الحاء المهملة بن حزام بكسر الحاء المهملة وتخفيف الزاي الأسدي المكي ولد في باطن الكعبة عاش في الجاهلية سنتين وفي الإسلام أيضًا سنتين، وأعتق مائة رقبة وحمل على مائة بعير في الجاهلية، وحج في الإسلام ومعه مائة بدنة، ووقف بعرفة بمائة رقبة في أعناقهم أطواق الفضة منقوش فيها عتقاء الله عن حكيم بن حزام، وأهدى ألف شاة، ومات بالمدينة سنة ستين أو أربع وخمسين (2) شبهه في الرغبة فيه والميل إليه وحرص النفوس عليه بالفاكهة الخضراء الحلوة المستلذة فإن الأخضر مرغوب فيه على انفراده والحلو كذلك على انفراده فاجتماعهما أشد، وفيه إشارة إلى عدم بقائه لأن الخضروات لا تبقى ولا تراد للبقاء، والله أعلم (3) حقه هو أن