كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)
-[اتفاق العلماء على استحباب صوم عاشوراء الآن- وحجة من قال إنه اليوم التاسع]-
.....
__________
اهـ كلام الحافظ وهو الذي ينشرح له صدري واعنقده (والفصل الثاني منها) يدل على استحباب صوم عاشوراء بعد نزول صيام رمضان (وقد اتفق على ذلك العلماء كافة) "قال القاضي عياض" وكان بعض السلف يقول كان صوم عاشوراء فرض وهو باق على فرضيته لم ينسخ، قال وانقرض القائلون بهذا وحصل الإجماع على أنه ليس بفرض وأنه مستحب (وروى عن ابن عمر) كراهة قصد صومه وتعيينه بالصوم "والعلماء مجمعون على استحبابه) وتعيينه للأحاديث، وأما قول ابن مسعود كنا نصومه ثم ترك فمعناه أنه لم يبق كما كان من الوجوب، ثم تأكد الندب (والفصل الثالث منها) يدل بظاهره على أن عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم، وإلى ذلك (ذهب ابن عباس) وتأوله العلماء على أقوال تقدمت في أول الباب (قال النووي) في شرح المهذب قال أصحابنا عاشوراء هو العاشر من المحرم، وتاسوعاء هو اليوم التاسع منه، هذا مذهبنا وبه قال جمهور العلماء، وقال ابن عباس عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم، ثبت ذلك عنه في صحيح مسلم، وتأوله على أنه مأخوذ من إظماء الإبل فإن العرب تسمى اليوم الخامس من أيام الورد ربما بكسر الراء؛ وكذا تسمى باقي الأيام على هذه النسبة، فيكون التاسع على هذا عشرًا بكسر العين، والصحيح ما قاله الجمهور، وهو أن عاشوراء هو اليوم العاشر، وهو ظاهر الأحاديث ومقتضى إطلاق اللفظ، وهو المعروف عند أهل اللغة، وأما تقدير أخذه من إظماء الإبل فبعيد، وفي صحيح مسلم عن ابن عباس ما يرده، لأنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء فذكروا أن اليهود والنصارى تصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه في العام المقبل يصوم التاسع، وهذا تصريح بأن الذي كان يصومه صلى الله عليه وسلم ليس هو التاسع فتعين كونه العاشر، واتفق أصحابنا وغيرهم على استحباب صوم عاشوراء وتاسوعاء وذكر العلماء من أصحابها وغيرهما في حكمة استحباب صوم تاسوعاء أوجها (أحدها) أن المراد منه مخالفة اليهود في اقتصارهم على العاشر وهو مروى عن ابن عباس، وفي حديث رواه الإمام أحمد بن حنبل عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود، وصوموا قبله يومًا وبعده يومًا (الثاني) أن المراد به وصل يوم عاشوراء بصوم كما نهى أن بصيام يوم الجمعة وحده ذكرهما الخطابي وآخرون (الثالث) الاحتياط في صوم العاشر خشية نقص الهلال ووقوع غلط فيكون التاسع في العدد هو العاشر في نفس الأمر اهـ.
(تنبيه وتحذير) ما ورد في صلاة مخصوصة ليلة عاشوراء ويومه وفي فضل الكحل يوم عاشوراء لا يصح، ومن ذلك حديث جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رفعه "من اكتحل بالأثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدًا" وهو حديث موضوع وضعه قتلة الحسين رضي الله عه، (وقال الإمام أحمد) والاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أثر وهو بدعة، وفي التوضيح ومن أغرب ما روى فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الصرد (إنه أول طائر صام عاشوراء) وهذا من قلة الفهم، فإن الطائر لا يوصف بالصوم، وهو حديث موضوع