كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)

-[الأحكام وأقوال العلماء في حكمة إكثار النبي صلى الله عليه وسلم الصوم في شعبان]-
.....
__________
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصل شعبان برمضان (طب) ورجاله ثقات (وعن أبي ثعلبة) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان ورمضان يصلهما (طب) وفيه الأحوص بن حكيم وفيه كلام كثير وقد وثق (وعن عائشة) رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام فربما أخر ذلك حتى يجتمع عليه صوم السنة، وربما أخره حتى يصوم شعبان (طس) وفيه محمد بن أبي ليلي وفيه كلام، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحًا وتعديلاً (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على فضل الصيام في شعبان وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخصه بكثرة الصيام فيه أكثر من سائر الشهور (وقد أجاب النووي) رحمه الله عن كونه صلى الله عليه وسلم لم يكثر من الصوم في المحرم؛ مع قوله إن أفضل الصيام ما يقع فيه. بأنه يحتمل أن يكون ما علم ذلك إلا في آخر عمره فلم يتمكن من كثرة الصوم في المحرم، أو اتفق له فيه من الأعذار بالسفر والمرض مثلاً ما منعه من كثرة الصوم فيه (وقد اختلف العلماء) في الحكمة في إكثاره صلى الله عليه وسلم من صوم شعبان (فقيل) كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره فتجتمع فيقضيها في شعبان، أشار إلي ذلك ابن بطال، ويدل عليه حديث عائشة الأخير من أحاديث الزوائد. وفيه محمد بن أبي ليل فيه كلام (وقيل) كان يصنع ذلك لتعظيم رمضان وقد ورد فيه حديث أخرجه الترمذي من طريق صدقة بن موسي عن ثابت عن أنس، قال "سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصوم أفضل بعد رمضان، قال شعبان لتعظيم رمضان" قال الترمذي حديث غريب. وصدقة عندهم ليس بذاك القوى اهـ، ويعارضه ما رواه مسلم والإمام أحمد وتقدم في فضل صوم المحرم من حديث أبي هريرة مرفوعًا "أفضل الصوم بعد رمضان صوم المحرم" (وقيل) الحكمة في إكثاره صلى الله عليه وسلم من الصيام في شعبان دون غيره أن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان فكان يصوم معهن (وقيل) الحكمة في ذلك أنه يعقبه رمضان وصومه مفترض وكان يكثر من الصوم في شعبان قدر ما يصوم في شهرين غيره لما يفوته من التطوع بذلك في أيام رمضان (والأولى في ذلك) ما جاء في حديث أسامة آخر أحاديث الباب وهو حديث صحيح رواه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة ونحوه من حديث عائشة عند أبي يعلي وهو الأول من أحاديث الزوائد (وفي أحاديث الباب أيضًا) دلالة على أنه يجوز وصل صيام شعبان برمضان لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ولا تعارض بين هذا وبين ما تقدم من الأحاديث في النهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين وما سيأتي من النهى عن صوم نصف شعبان الثاني فإن الجمع بينهما ظاهر بأن يحمل النهى على من لم يدخل تلك الأيام في صيام اعتاده. وقد صرح بذلك في أحاديث النهى نفسها، فقال "إلا أن يكون شيئًا يصومه" أحدكم والله أعلم.

الصفحة 204