كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)
-[زوائد الباب ومذاهب الأئمة في حكم صوم ستة أيام من شوال]-
.....
__________
(وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام ستة أيام بعد الفطر متتابعة فكأنما صام السنة كلها (طس) قال الهيثمي وفيه من لم أعرفه (وعن ابن عباس وجابر) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال صام السنة كلها (طس) وفيه يحيى بن سعيد المارني وهو متروك (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه (طس) وفيه مسلمة ابن علي الخشبي وهو ضعيف، أوردها الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا، وفي الباب أيضًا (عن عائشة) رضي الله عنها رواه الطبراني (وعن البراء بن عازب) رضي الله عنه رواه الدراقطني (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية صوم ستة أيام من شوال ليس منها يوم الفطر فإنه يحرم صومه كما تقدم، وأن من صامها مع رمضان كان كمن صام السنة كلها، استحبابها ذهبت الأئمة (الشافعي وأحمد وداود) وحكاه ابن قدامة في المغني عن كعب الأحبار والشعبي وميمون بن مهران، ولا فرق عند الحنابلة بين كونها متتابعة أو مفرقة، قال الخرقي في مختصره، ومن صام شهر رمضان وأتبعه بست من شوال وإن فرقها فكأنما صام الدهر اهـ (قال النووي) في شرح المهذب، قال أصحابنا يستحب صوم ستة أيام من شوال لهذا الحديث "يعني حديث أبي أيوب فقد ذكره صاحب المهذب" قالوا ويستحب أن يصومها متتابعة في أول شوال فإن فرقها أو أخرها عن أول شوال جاز وكان فاعلا لأصل هذه السنة لعموم الحديث وإطلاقه، وهذا لا خلاف فيه عندنا (وبه قال أحمد وداود) وقال (مالك وأبو حنيفة) يكره صومها، قال مالك في الموطأ وصوم ستة أيام من شوال لم أر أحدًا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغه ذلك عن أحد من السلف، وأن أهل العلم كانوا يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان أهل الجفاء والجهالة ما ليس منه لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم ورأوهم يعملون ذلك، هذا كلام مالك في الموطأ، ودليلنا الحديث الصحيح السابق ولا معارض له (وأما قول مالك) لم أر أحدًا يصومها فليس حجة في الكراهة لأن السنة ثبتت في ذلك بلا معارض، فكونه لم ير لا يضر، وقولهم لأنه قد يخفى ذلك فيعتقد وجوبه ضعيف، لأنه لا يخفى ذلك على أحد، ويلزم على قوله أن يكره صوم يوم عرفة وعاشوراء وسائر الصوم المندوب إليه، وهذا لا يقوله أحد اهـ (قلت) قال فقهاء الحنفية والمالكية بندب صيامها متفرقة ولا يكره التتابع على المختار خلافا لأبي يوسف، وحملوا كلام الأمامين على ما إذا وصل صيامها بيوم الفطر وتابع صيامها، فإن صامها متصلة يوم الفطر وكانت غير متتابعة فلا كراهة، أو أن الحديث لم يبلغهما ولم يثبت عندهما والله أعلم.