كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)
-[زوائد الباب ومذاهب الأئمة في أحكام الاعتكاف إجمالًا]-
.....
__________
فأنميتها، فلم يزل الرسول صلى الله عليه وسلم يعتكف فيهن حتى توفي صلى الله عليه وسلم (طب) وإسناده حسن (والطبراني في الكبير أيضًا) أن حذيفة قال لعبد الله بن مسعود قوم عسكوف بين دارك ودار أبي موسى. ألا تنهاهم؟ فقال له عبد الله فلعلهم أصابوا وأخطأت. وحفظوا ونسيت، فقال حذيفة لا اعتكاف إلا في هذه المساجد الثلاثة. مسجد المدينة، ومسجد مكة، ومسجد ايلياء "يعني المسجد الأقصى" قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح (وعن حسين بن علي) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اعتكاف في رمضان كحجتين وعمرتين (طب) وفيه عبينة بن عبد الرحمن القرشي وهو متروك، أورد هذه الأحاديث الثلاثة الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحًا وتعديلًا (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الاعتكاف وفضله وكونه بالمسجد الجامع وتأكد استحبابه في العشر الأواخر من رمضان (قال النووي) رحمه الله وقد أجمع المسلمون على استحبابه وأنه ليس بواجب وعلى أنه الصوم ليس بشرط لصحة الاعتكاف، بل يصح اعتكاف المفطر ويصح اعتكاف ساعة واحدة ولحظة واحدة، وضابطه عند أصحابنا مكث يزيد على طمأنينة الركوع أدنى زيادة، هذا هو الصحيح، وفيه خلاف شاذ في المذهب (ولنا وجه) أنه يصح اعتكاف المار في المسجد من غير لبث. والمشهور الأول، فينبغي لكل جالس في المسجد لانتظار صلاة أو لشغل آخر من آخرة أو دنيا أن ينوي الاعتكاف فيحسب له ويثاب عليه ما لم يخرج من المسجد، فإذا خرج ثم دخل جدد نية أخرى، وليس للاعتكاف ذكر مخصوص ولا فعل آخر سوى اللبث في المسجد بنية الاعتكاف، ولو تكلم بكلام دنيا أو عمل صنعة من خياطة أو غيرها لم يبطل اعتكافه (وقال مالك وأبو حنيفة) والأكثرون يشترط في الاعتكاف الصوم، فلا يصح اعتكاف مفطر، واحتجوا بهذه الاحاديث "يعني أحاديث الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان" قال واحتج الشافعي باعتكافه صلى الله عليه وسلم في العشر الأول من شوال؛ رواه البخاري ومسلم (قلت وسيأتي للأمام أحمد أيضًا) وبحديث عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني نذرت أن اعتكف ليلة في الجاهلية، فقال أوف بنذرك، رواه البخاري ومسلم، والليل ليس محلًا للصوم، فدل على أنه ليس بشرط لصحة الاعتكاف (وفي هذه الأحاديث) أن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وأصحابه إنما اعتكفوا في المسجد مع المشقة في ملازمته، فلو جاز في البيت لفعلوه ولو مرة لاسيما النساء لأن حاجتهن إليه في البيوت أكثر، وهذا الذي ذكرناه من اختصاصه بالمسجد، وأنه لايصح في غيره (وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وداود والجمهور) سواء الرجل والمرأة (وقال أبو حنيفة) يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وهو الموضع المهيأ من بيتها لصلاتها، قال ولا يجوز