كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)

-[كلام العلماء في سبب اعتكافه صلى الله عليه وسلم عشرين يوما ومذاهب الأئمة في وقت الدخول في المعتكف]-
فمات حين مات وهو يعتكف عشرين يومًا (1)
__________
أحمد في فصل ما جاء أنها في ليلة إحدى وعشرين من فصول باب ليلة القدر (1) قيل السبب في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم علم بانقضاء أجله فأراد أن يستكثر من أعمال الخير ليبين لأمته الإجتهاد في العمل إذا بلغوا أقصى العمر ليلقوا الله على خير أحوالهم (وقيل) السبب فيه أن جبريل كان يعارضه بالقرآن في كل رمضان مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين فلذلك اعتكف قدر ما كان يعتكف مرتين (وقال ابن العربي) يحتمل أن يكون سبب ذلك أنه لما ترك الاعتكاف في العشر الأخير بسبب ما وقع من أزواجه، واعتكف بدله عشرًا من شوال اعتكف في العام الذي يليه عشرين ليتحقق قضاء العشر في رمضان (قال الحافظ) وأقوى من ذلك أنه صلى الله عليه وسلم إنما اعتكف في ذلك العام عشرين لأنه كان العام الذي قبله مسافرًا، ويدل لذلك ما أخرجه النسائي واللفظ له وأبو داود وصححه ابن حيان وغيره
من حديث أبي بن كعب "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فمسافر عامًا فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين" ويحتمل تعدد هذه القصة بتعدد السبب فيكون مرة بسبب ترك الاعتكاف لعذر السفر، ومرة بسبب عرض القرآن مرتين اهـ (قلت) يعني لأن عرض القرآن يستدعي التفرغ وطول المدة، أما حديث أبي الذي أشار إليه الحافظ فقدر رواه الإمام أحمد أيضًا وتقدم في هذا الباب قبل حديث أنس (تخريجه) (خ. د. نس. جه) (الأحكام) حديث عائشة الأول من أحاديث الباب فيه دلالة على أن أول وقت الاعتكاف من أول النهار بعد صلاة الصبح، وبه قال الأوزاعي والثوري والليث في أحد قوليه، وقال الأئمة الأربعة (أبو حنيفة. ومالك. والشافعي. وأحمد) يدخل فيه قبل غروب الشمس إذا أراد اعتكاف شهر أو اعتكاف عشر، وأولوا الحديث على أنه دخل المعتكف وانقطع فيه وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح، لأن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف، بل كان من قبل المغرب معتكفًا لابثا في جملة المسجد فلما صلى الصبح انفرد (وفيه أيضًا) دلالة على جواز اتخاذ المعتكف لنفسه موضعًا من المسجد ينفرد فيه مدة اعتكافه ما لم يضيق على الناس، وإذا اتخذه يكون في آخر المسجد ورحابه لئلا يضيق على غيره. وليكون أخلى له وأكمل في انفراده (واستدل به أيضًا) على جواز الخروج من العبادة بعد الدخول فيها (وأجيب عن ذلك) بأنه صلى الله عليه وسلم لم يدخل المعتكف ولا شرع في الاعتكاف، وإنما هم به ثم عرض له المانع المذكور فتركه، فيكون دليلًا على جواز ترك العبادة إذ لم يحصل إلا مجرد

الصفحة 249