كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)

.
__________
قال كلوا واشربوا ولا يغرنكم الساطع المصعد، وكلوا واشربوا حتى يعرض لكم الأحمر وأشار بيده قال الدارقطني قيس بن طلق ليس بالقوي اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) أن وقت السحور يمتد إلى أن يتبين الفجر فيجب الإمساك حينئذ عن كل مفطر، وهو المراد بقوله تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الاسود من الفجر) يعني بياض النهار من سواد الليل، ولما كان الفجر فجران أحدهما يسمى بالكاذب وهو الذي يبدو أولا ساطعاً مستطيلا من أعلى إلى أسفل، والثاني بعده بزمن يسع السحور وهو المعبر عنه بالفجر الصادق، وهو الذي يبدو منتشراً في الأفق، فقد بينت السنة علامة كل منهما لعدم الالتباس (فمن ذلك) حديث أبي ذر وحديث سمرة بن بن جندب المذكورين في الباب ووهما يدلان على جواز الأكل والشرب إلى هذا الحد، وهو أول ظهور الفجر الصادق ولم يخالف في ذلك أحد من العلماء، وإنما الخلاف فيما بعد هذا الوقت، فذهب جماعة من الصحابة والأعمش من التابعين وصاحبه ابو بكر بن عياش إلى جواز الأكل والشرب حتى يتضح النهار جلياً لكل إنسان بحيث يبصر الإنسان مواقع نبله كما في حديث حذيفة المذكور في أحاديث الباب، (قال ابن المنذر) روى عن حذيفة أنه لما طلع الفجر تسحر ثم صلى، قال وروى معناه عن ابن مسعود، وقال مسروق لم يكونوا يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق، (قال النووي) وحكى أصحابنا عن الأعمش وإسحاق بن راهويه لأنهما جوزا الأكل وغيره إلى طلوع الشمس ولا أظنه يصح اهـ ج (وروى ابن المنذر) بإسناد صحيح عن علي رضي الله عنه أنه صلى الصبح ثم قال الآن حتى تبين الخيط الأبيض من الخيط الاسود (قال وذهب بعضهم) إلى أن المراد بتبين بياض النهار من سواد الليل إلى أن ينتشر البياض في الطرق والسكك والبيوت، ثم حكى ما تقدم عن ابي بكر بن عياش وغيره، وروى بإسناد صحيح عن سالم بن عبيد الأشجعي وله صحبة أن ابا بكر رضي الله عنه قال له أخرج فانظر هل طلع الفجر، قال فنظرت ثم اتيته فقلت قد ابيض وسطع، ثم قال اخرج فانظر هل طلع، فنظرت فقلت قد اعترض. فقال الآن أبلغني شرابي. وروى من طريق وكيع عن الأعمش أنه قال، لولا الشهرة لصليت الغداة ثم تسحرت اهـ (وذهب الجمهور) إلى أن الدخول في الصوم بطلوع الفجر الصادق وتحريم الطعام والشراب والجماع به، وهو مذهب الأئمة (أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد) وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم (قال ابن المنذر) وبه قال عمر بن الخطاب وابن عباس وعلماء الامصار وقال به نقول أهـ واحتجوا بالأحاديث المشهورة الصحيحة التي رواها الشيخان والإمام أحمد وغيرهما (منها حديث عدي بن حاتم) وتقدم في أحاديث الباب (ومنها حديث سهل بن سعد) رضي

الصفحة 30