كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)

.
__________
الله عنهما قال (أنزلت وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) ولم ينزل من الفجر. فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الابيض والخيط الاسود ولا يزال حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله تعالى (من الفجر) فعلموا أنه به الليل والنهار (ومنها حديث سمرة بن جندب) وتقدم فب أحاديث الباب (ومنها حديث عبد الله بن مسعود) وتقدم في باب الأذان في أول الوقت صحيفة 35 رقم 284 من الجزء الثالث (وأجاب بعضهم) عن حديث حذيفة وما ماثله من الأحاديث المصرحة بجواز الأكل والشرب بعد انتشار النهار بأن ذلك كان في أول الأمر ثم نسخ، قاله الحازمي في الاعتبار واستدل على ذلك بحديثي سهل بن سعد وعدي بن حاتم (وفي أحاديث الباب أيضاً) أن بلالا رضي الله عنه كان يؤذن بليل قبل ظهور الفجر الصادق وأن ابن ام مكتوم كان يؤذن عند ظهور الفجر الصادق، ولكن حديث أنيسة يعرضه لأنه يفيد أن ابن أم مكتوم كان يؤذن أولا وأن بلالا كان يؤذن ثانياً، رواه ابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان وغيرهم من طرق من حديث أنيسة مرفوعا بلفظ (ان ابن أم مكتوم ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال قال الحافظ وادعى ابن عبد البر وجماعة من الأئمة أنه مقلوب وأن الصواب حديث الباب يعني أن بلالا يؤذن بليل الخ قال وقد كنت أميل إلى ذلك إلى أن رأيت الحديث في صحيح ابن خزيمة من طريقين آخرين عن عائشة وفي بعض ألفاظه ما يبعد وقوع الوهم فيه وهو قوله إذا أذن عمرو فهو ضرير البصر فلا يغرنكم، وإذا أذن بلال فلا يطعمن أحد (وجاء عن عائشة) أيضاً أنها كانت تنكر حديث ابن عمر وتقول إنه غلط، أخرج مالك والبيهقي من طريق الدراوردي عن هشام عن أبيه عنها مرفوعا (إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال) قال عائشة وكان بلال لا يؤذن حتى يبصر الفجر، قال وكانت عائشة تقول غلط ابن عمر اهـ وهذا مما يتعجب منه، ففي صحيح البخاري والإمام أحمد وهو مذكور في أحاديث الباب من طريق القاسم بن محمد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) وهذا لفظ البخاري، وكذا أخرجه مسلم، فقد جاء عنها في لأصح الصحيح مثل رواية ابن عمر فكيف تغلطه؟ فالظاهر والله أعلم أن تلك الرواية وهم من بعض الرواة عنها والله أعلم (قال الحافظ) قد أجمع ابن خزيمة والضبعي بين الحديثين باحتمال أن الأذان كان نوبا بين بلال وابن أم مكتوم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الناس أن الأذان الأول منهما لا يحرم على الصائم شيئاً ولا يدل على دخول وقت الصلاة بخلاف الثاني، وجزم ابن حبان بذلك ولم يبده احتمالاً وأنكر ذلك عليه الضياء وغيره، وقيل لم يكن نوباً وإنما كانت لهما حالتان مختلفتان

الصفحة 31