كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)

.
__________
ليس صريحا في طلوع الفجر فقد تطلق هذه اللفظة لمقاربة الفجر والله أعلم، قال وقد اتفق أصحابنا على جواز الأكل للشاك في طلوع الفجر وصرحوا بذلك، فمن صرح به الماوردي والدارمي والبندنيجي وخلائق لا يحصون (وأما) قول الغزالي في الوسيط لا يجوز الاكل هجوما في أول النهار، وقول المتولي في مسألة السحور لا يجوز للشاك في طلوع الفجر أن يتسحر فلعلهما أراد بقولهما لا يجوز أنه ليس مباحاً مستوى الطرفين بل الأولى تركه، فإن أرادا به تحريم الأكل على الشاك في طلوع الفجر فهو غلط مخالف للقرآن ولابن عباس ولجميع الأصحاب، بل لجماهير العلماء، ولا نعرف أحداً من العلماء قال بتحريمه إلا مالك فإنه حرمه وأجب القضاء على من أكل شاكاً في الفجر، وذكر ابن المنذر في الاشراف باباً في إباحة الأكل للشاك في الفجر، فحكاه عن أبي بكر الصديق وابن عمر وابن عباس وعطاء والأوزاعي وأصحاب الرأي وأحمد وأبي ثور واختاره ولم ينقل المنع إلا عن مالك والله أعلم اهـ ج (وفي حديث زيد بن ثابت) الأخير من أحاديث الباب دلالة على استحباب تأخير السحور بحيث يكون بين الفراغ منه وبين الصبح مقدار قراءة خمسين آية من القرآن. وهذا متفق عليه فينبغي العمل به، وعدم العدول عنه لكونه أفضل وأحوط (قال ابن أبي جمرة) رحمه الله في الكلام على هذا الحديث وفي تأخير السحور لكونه ابلغ في المقصود وكان صلى الله عليه وسلم ينظر ما هو الأرفق بأمته فيفعله، لأنه لو لم يتسحر لاتبعوه فيشق على بعضهم، ولو تسحر في جوف الليل لشق ايضاً على بعضهم ممن يغلب عليه النوم، فقد يفضي إلى ترك الصبح أو يحتاج على المجاهدة بالسهر، قال (وفيه) أيضاً تقوية على الصيام لعموم الاحتياج إلى الطعام. ولو ترك لشق على بعضهم ولا سيما من كان صفراوياً فقد يغشى عليه فيفضي إلى الإفطار في رمضان. قال (وفي الحديث) تأنيس الفاضل أصحابه بالمؤاكلة وجواز المشي بالليل للحاجة لأن زيد بن ثابت ما كان يبيت مع النبي صلى الله عليه وسلم (وفيه) الاجتماع على السحور (وفيه) حسن الأدب في العبارة لقوله تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل نحن ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما يشعر لفظ المعية بالتبعية (وقال القرطبي) فيه دلالة على أن الفراغ من السحور كان قبل طلوع الفجر فهو معارض لقول حذيفة هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع اهـ (قال الحافظ) والجواب أن لا معارضة، بل تحمل على اختلاف الحال فليس في رواية واحد منهما ما يشعر بالمواظبة فتكون قصة حذيفة سابقة، افاده الحافظ والله سبحانه وتعالى أعلم

الصفحة 33