كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)

.
__________
أكان ذلك بالغداة أوالعشي إلا ما جاء في حديث علي وخباب رضي الله عنهما المذكور في الزوائد من تقييد الجواز بالغداة فقط ولكنه فيه ضعف، ولهذا حصل الخلاف بين العلماء، (فذهب أكثر العلماء) إلى جوازه قبل الزوال وبعده، وبه قال الائمة (مالك وابو حنيفة والشافعي) على ما حكى عنه الترمذي وهو خلاف المشهور عند الشافعية فإنهم قالوا بكراهة السواك للصائم بعد الزوال واحتج المجوزون لذلك بحديث عامر بن ربيعة المذكور اول احاديث الباب، وحديث عائشة المذكور في الزوائد، الأثر المروي عن معاذ بن جبل، وبالأحاديث الصحيحة الواردة في السواك مطلقاً بدون قيد. قال الترمذي والعمل على هذا عند اهل العلم لا يرون بالسواك للصائم بأسا إلا أن بعض أهل العلم كرهوا السواك للصائم بالعود الرطب، وكرهوا له السواك آخر النهار ولم ير الشافعي بالسواك بأسا اول النهار وآخره (وكره أحمد وإسحاق) السواك آخر النهار اهـ (قلت) ممن قال بكراهة السواك بالعود الرطب (المالكية والشعبي) فإنهم كرهوا للصائم الاستياك بالسواك الرطب لما فيه من طعم، واجاب عن ذلك ابن سيرين جوابا حسنا، قال البخاري في صحيحه، قال ابن سيرين لا باس بالسواك الرطب، قيل له طعم، قال والماء له طعم وانت تمضمض به اهـ (وقال ابن عمر) رضي الله عنهما لا بأس أن يستاك الصائم بالسواك الرطب واليابس. رواه ابن أبي شيبة وهذا هو الظاهر لأن أقصى ما يخشى من السواك الرطب أن يتحلل منه في الفم شيء وذلك الشيء كماء المضمضة، فإذا قذفه من فيه لا يضره بعد ذلك (واحتج القائلون بكراهة السواك بعد الزوال) بأن في الاستياك بعده إزالة الخلوف الوارد فيه (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) (وأجيب) بأن الخلوف بضم الخاء المعجمة على الصحيح تغير رائحة الفم من خلو المعدة وذلك لا يزال بالسواك (قال ابن الهمام) بل إنما يزيل أثره الظاهر على السن من الاصفرار وهذا لان سبب الخلوف خلو المعدة من الطعام والسواك لا يفيد شغلها بطعام ليرتفع السبب، واستشهد ابن الهمام بالأثر المروي عن معغاذ بن جبل المذكور في الزوائد وهو كفيل بالإجابة على احتجاج القائلين بكراهة السواك للصائم بعد الزوال، وقد صرح الحافظ في التلخيص بأن إسناده جيد واحتجوا أيضاً بحديث خباب وعلي المذكور في الزوائد (وأجيب) بأنه ضعيف ضعفه البيهقي والدارقطني وبلا ينتهض لمقاومة الأحاديث الصحيحة الواردة في السواك وفضله والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضاً) دلالة على جواز المضمضة والاستنشاق للصائم من غير مبالغة لحديث لقيط بن صبرة وفيه (وإذا استنشقت فأبلغ إلا أن تكون صائماً) رواه الاربعة وابن خزيمة والحاكم وصححه ايضاً الترمذي، وتقدم في باب المضمضة والاستنشاق صحيفة 25 رقم 247 من الجزء الثاني وإنما كرهت المبالغة في الاستنشاق للصائم خوفاً

الصفحة 48