كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)

__________
الأعمش) قال ما رأيت أحداً من أصحابنا يكره الكحل للصائم. وكان ابراهيم يرخص أن يكتحل الصائم بالصبر، رواهما ابو داود بسند جيد (وعن أبي رافع) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتحل بالأثمد وهو صائم (طب) من رواية حبان بن علي بن محمد ابن عبيد الله بن أبي رافع وقد وثقا وفيهما كلام كثير (وعن بريرة مولاة عائشة) رضي الله عنهما قالت رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يكتحل بالأثمد وهو صائم (طس) أوردهما الهيثمي وقال في حديث بريرة، فيه جماعة لم أعرفهم (وعن عائشة) رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم اكتحل في رمضان وهو صائكم، رواه ابن ماجه وفي اسناده بقية ضعيف (وعن ابن عمر رضي الله عنهما) خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه مملوءتان من الأثمد وذلك في رمضان وهو صائم، رواه ابن ابي عاصم في كتاب الصيام له، (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم؟ قال نعم، رواه الترمذي وقال ليس إسناده بالقوي، قال ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء اهـ (قلت) حديث معبد بن هوذة المذكور في أول أحاديث التتمة استدل به المانعون من الكحل للصائم وهم كما حكاه ابن المنذر ـ سليمان التيمي ومنصور بن المعتمر وابن شبرمة وابن أبي ليلى أنهم قالوا يبطل به صومه (وقال قتادة) يجوز بالأثمد ويكره بالصبر (وقال الثوري واسحاق) يكره (وقال مالك وأحمد) يكره وإن وصل إلى الحلق أفطر (وذهب الشافعية) الى جواز الاكتحال بجميع الأكحال للصائم ولا يفطر بذلك سواء وجد طعمه في حلقه أو لا، لأن العين ليست بجوف، ولا منفذ منها الى الحلق، وحكاه ابن المنذر عن عطاء والحسن البصري والنخعي والأوزاعي وابي حنيفة وابي ثور وحكاه غيره عن ابن عمر وأنس وابن ابي أوفى الصحابيين رضي الله عنهم (وبه قال داود) واحتجوا بسائر الأحاديث المذكورة في التتمة وكلها لا تخلو من ضعف، وأجابوا عن حديث معبد بن هوذة بأنه ضعيف لا ينتهض للاحتجاج به (واستدل المانعون أيضاً) بما أخرجه البخاري تعليقاً ووصله البيهقي والدارقطني وابن ابي شيبة من حديث ابن عباس بلفظ (الفطر مما دخل والوضوء مما خرج) قالوا واذا وجد طعمه فقد دخل (ويجاب) بأن في اسناده الفضل بن المختار وهو ضعيف جدا، وفيه أيضاً شعبة مولى ابن عياش وهو ضعيف، وقال ابن عدى الأصل في هذا الحديث أنه موقوف وقال البيهقي لا يثبت مرفوعا، ورواه سعيد بن منصور موقوفاً من طريق الأعمش عن ابي ظبيان عنه، ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة، قال الحافظ واسناده أضعف من الأول (قلت) وقصارى القول أنه ليس لأحد الفريقين دليل يصلح للاحتجاج به على الآخر، والأصل في كل شيء الجواز، ولا ينتقل عن البراءة الأاصلية إلا بدليل، وليس في الباب ما يصلح

الصفحة 50