كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)

.
__________
فرأينا أن الشمس قد غابت وأنا قد أمسينا فأخرجت لنا عساس (1) من لبن من بيت حفصة فشرب عمر وشربنا فلم نلبث أن ذهب السحاب وبدت الشمس فجعل بعضنا يقول لبعض يومنا هذا, فسمع ذلك عمر فقال والله لا نقضيه وما يجانفنا الإثم "أي لم نمل لارتكاب الإثم" (هق) وقالكذا رواه شيبان, ورواه حفص بن غياث وأبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب, وكان يعقوب بن سفيان يحمل على زيد بن وهب بهذه الرواية المخالفة للروايات المتقدمة ويعدها مما خولف فيه, وزيد ثقة الا أن الخطأ غير مأمون نسأل الله أن يعصمنا من الزلل والخطأ بمنه وسعت رحمته اهـ (وعن يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي بن صهيب) صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ثنا شعيب بن عمرو بن سليم الأنصاري وكان أتى عليه مائة وخمسة عشر سنة قال أفطرنا مع صهيب الخيل أنا وأبي في شهر رمضان في يوم غيم وطش "أي مطر" فبينما نحن نتعشى طلعت الشمس وقال صهيب, طعمة الله أتموا صيامكم الى الليل واقضوا يوماً مكانه (هق)
(الاحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على أن من اكل أو شرب ناسياً لا يبطل صومه سواء أكان فرضاً أو تطوعاً, وسواء اكان اللاكل كثيراً ام قليلاً, ولا قضاء عليه في ذلك لأن ام اسحاف أكلت ولم تتذكر حتى شبعت أو قاربت ألشبع ولذا قال لها ذو اليدين"الآن بعدما شبعت" ومع هذا فقد قال لها النبي صلى الله عليه وسلم أتمي صومك ولم يأمرها بالقضاء (فإن قيل) لا حجة فيه على عدم قضاء من اكل ناسياً في رمضان لأنها كانت متطوعة في صيامها, وغاية ما فيه أنه يصلح دليلاً لعدم قضاء صوم التطوّع فقط (فالجواب) ما رواه الدارقطني والطبراني في الأوسط بسند جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكل أو شرب ناسياص في رمضان فلا قضاء عليه ولا كفارة" وتقدم هذا الحديث في الزوائد, قال النووي في المجموع اسناده صحيح أو أحسن (وحكى عن الشافعيّة) أنه اذا اكل أو شرب أو تقيّأ أو استعط أو جامع أو فعل غير ذلك من منافيات الصوم ناسياً لم يفطر عندهم سواء قل ذلك أم كثر, هذا هو المذهب والمنصوص؛ وبه قطع صاحب المذهب والجمهور من العراقيين وغيرهم, قال وذكر الخراسانيون في أكل الناسى اذا كثر وجهين ككلام الناسى في الصلاة اذا كثر, والمذهب أنه لا يفطر هنا وجهاً واحداً لعموم الأحاديث السابقة.
ولأنه قدج يستمر النسيان حتى ياكل كثيراً ويندر ذلك في الكلام في الصلاة, قال وبما ذهب اليه الشافعيّة قال الحسن البصري ومجاهد (وأبو حنيفة) وإسحاق وأبو ثور وداود وابن المنذر
وغيرهم (وقال عطاء الأوزاعي والليث) يجب قضاؤه في الجماع ناسياً دون الأكل وقال 0 ربيعة ومالك) يفسد صوم الناسى في جميع ذلك وعليه القضاء دون الكفارة (وقال أحمد) يجب بالجماع ناسياً القضاء والكفارة ولا شيء في الأكل (قال النووي)
__________
(1) عماس بكسر العين المهملة وبسين مهملة مكررة- وهي لأقداح, واحداها عسى بضم العين

الصفحة 64