كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)

.
__________
أبي المهذم وهو ضعيف، وحكى ابن المنذر أيضاً عن الحسن البصري وسالم بن عبد الله بن عمر أن يتم صومه ثم يقضيه، وروى عبد الرزاق عن عطاء مثل قولهما (وقال الحافظ) زنقل بعض المتأخرين عن الحسن بن صالح بن حيى إيجاب القضاء، والذي نقله عنه الطحاوي استحبابه، ونقل ابن عبد البر عنه وعن النخعي إيجاب القضاء في الفرض دون التطوع، ونقل الماوردي أن هذا الاختلاف كله إنما هو في حق الجنبن وأما المحتلم فأجمعوا على أنه يجزئه، وتعقبه الحافظ بما أخرجه النسائي باسناد صحيح عن أبي هريرة أنه افتى من أصبح جنباً من احتلام أن يفطر، وفي رواية أخرى عنه عند النسائي ايضاً (من احتلم من الليل وواقع أهله ثم أدركه الفجر ولم يغتسل فلا يصم) (وأجاب القائلون) بأن من أصبح جنباً يفطر عن أحاديث الباب بأجوبة منها أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم ورد الجمهور بأن الخصائص لا تثبت إلا بدليل، وبأن حديث عائشة المذكور قبل الحديث الأخير من أحاديث الباب يقتضي عدم اختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك وجمع بعضهم بين الحديثين بأن الأمر في حديث ابي هريرة أمر إرشاد إلى الأفضل، فغن الأفضل أن يغتسل قبل الفجر، فلو خالف جاز. ويحمل حديث عائشة على بيان الجواز، وقد نقل النووي هذا الجمع عن أصحاتب الشافعي (وتعقبه الحافظ) بأن الذي نقله البيهقي وغيره من أصحاب الشافعي هو سلوك طريقة الترجيح، قال ويعكر على حمله علفى الإرشاد التصريح في كثير من طرق حديث أبي هريرة بالأمر بالفطر وبالنهي عن الصيام فكيف يصح الحمل المذكور إذا وقع ذلك في رمضان؟ (وقيل) هو محمول على من أدركه الفجر مجامعاً فاستدام بعد طلوعه عالماً بذلك. ويعكر عليه مال رواه النسائي من طريق ابي حازم عن عبد الملك بن ابي بكر بن عبد الرحمن عن أبيه أن ابا هريرة كان يقول من احتلم وعلم باحتلامه ولم يغتسل حتى أصبح فلا يصوم (وعن ابن المنذر) وغيره سلوك النسخ، وبالنسخ قال الخطابي، وقواه ابن دقيق العيد بأن قوله تعالى (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) يقتضي إباحة الوطئ في ليلة الصوم، ومن جملتها الوقت المقارن لطلوع الفجر فيلزم إباحة الجماع فيه، ومن ضرورته أن يصبح فاعل ذلك جنباً ولا يفسد صومه، ويقوى ذلك أن قول الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك ما تأخر يدل على أن ذلك كان بعد نزول الآية وهي إنما نزلت عام الحديبية سنة ست وابتداء فرض الصيام كان في السنة الثانية (ويؤيد دعوى النسخ) رجوه أبي هريرة عن الفتوى بذلك وإحالته على الفضل بن العباس، وقول عائشة إذّا أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت ذلك في أحاديث الباب، وثبت أيضاً في رواية للبخاري أنه لما أخبر بما قالت أم سلمة وعائشة قال هما أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية ابن جريج فرجع ابو هريرة عما كان يقول في ذلك، وكذا

الصفحة 73