كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)

(14) باب ما جاء في الوصال للصائم وفيه فصول
(الفصل الأول في النهي عنه واباحته للنبي صلى الله عليه وسلم خصوصية له)
(144) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اياكم ولوصال (1) قالها ثلاث مرار, قالوا فإنك تواصل يا رسول الله, قال انكم لستم في ذلك مثلي (2)
__________
(144) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابى ثنا محمد بن فضيل ثنا عمارة عن ابي زرعة عن ابي هريرة- الحديث" (غريبه) (1) الوصال هو الترك في ليالي الصيام لما يفطر بالنهار بالقصد. فيخرج من انفق اتفاقا, ويدخل من امسك جميع الليل أو بعضه, والوصال الذي ورد فيه النهي بدون رخصة. هو ما كان يومين فصاعدا من غير أكل أو شرب بينهما"وقوله ثلاث مرار" يعني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرهم من الوصال بتكرير هذه الجملة ثلاث مرار للتأكيد, وقد جاء عند البخاري. ومالك في الموطأ "اياكم والوصال مرتين" وعند ابن ابي شيبة من طريق ابى زرعة بلفظ "اياكم والوصال ثلاث مرات"قال الحافظ واسناده صحيح, قال فدل على ان قوله مرتين"يعنى في رواية البخارى" اختصار من البخارى أو شيخه اهـ "وقوله قالوا انك تواصل" كذا في اكثر الأحاديث "قالوا" بلفظ الجمع. ووقع في رواية عند البخاري"فقال رجل من المسلمين" قال الحافظ وكأن القائل واحد ونسب القول الى الجميع لرضاهم به. ولم أقف على تسمية القائل في شيء من الطرق اهـ. قال العينى (فان قلت) كيف يحسن قولهم له بعد النهي عن الوصال"فإنك تواصل" وهم اكثر الناس آداباً (قلت) لم يكن ذلك على سبيل الإعتراض, ولكن على سبيل استخراج الحكم أو الحكمة أو بيان التخصيص (2) أى لستم على صفتى ومنزلتى من ربى "وقوله يطعمنى" بضم الياء "ويسقيني" بفتح الياء الأولى وإثبات الأخيرة كقراءة يعقوب في الشعراء حالة الوصل والوقف مراعاة للأصل, والحسن البصرى في الوقف فقط مراعاة للأصل والرسم, فإنها رسمت في المصحف العثماني بحذف الياء (والطعام والشراب) هنا يحتمل ان يكون حقيقة فيؤتى بطعام وشراب من عند الله كرامة له في ليالي صومه (وتعقب) بأنه يلزم ان لا يكون مواصلاً ويشهد له رواية "أظل يطعمنى" كما في حديث ابن عمر الآتى بعد هذا, لأن أظل لا يكون إلا بالنهار والأكل فيه ممنوع (وأجيب) بأن طعام الجنة وشرابها لا تجرى عليه أحكام التكليف (قال ابن المنير) الذي يفطر شرعاً انما هو الطعام المعتاد, وأما الخارق للعادة كالمحضر من الجنة فعلى غير هذا المعنى. وليس تعاطيه من

الصفحة 79