كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)

إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فاكلفوا (1) من العمل ما تطيقون
__________
جنس الأعمال, وانما هو من جنس الثواب كأكلاهل الجنة في الجنة, والكرامة لا تبطل العبادة, فلا يبطل بذلك صومه ولا ينقطع وصاله ولا ينقص اجره (ويحنمل ان يكون ذكر الطعام والشراب هنا مجازاً) عن لازم الطعام والشراب وهو القوة فكأنه قال يعطيني قوة الآكل والشارب ويفيض على ما يسد مسدهما ويقوى على انواع الطاعات من غير ضعف في القوة ولا كلال في الإحساس (والى هذا ذهب الجمهور) وهو أظهر الأقوال (وقيل) يحتمل ان الله تعالى يخلق فيه من الشبع والري ما يغنيه عن الطعام والشراب. فلا يحس بجوع ولا عطش, والفرق بينه وبين ما قبله انه عليه يعطى القوة بلا شبع ولا رى. بل مع الجوع والظمأ؛ وعلى الثاني يعطى القوة معهما. ورجح ما قبله بأن الثاني ينافى حال الصائم ويفوت المقصود من الصوم والوصال, لأن الجوع هو روح هذه العبادة بخصوصها (قال القرطبي) ويبعده ايضاً النظر الى حالهصلى الله عليه وسلم فانه كان يجوع أكثر مما يشبع. ويربط على بطنه الحجارة من الجوع (قال الحافظ) وتمسك به ابن حبان بظاهر الحال فاستدل بهذا الحديث على تضعيف الأحاديث الواردة بأنه صلى الله عليه وسلم كان يجوع ويشد الحجر على بطنه من الجوع. قال لأن الله تعالى كلن يطعم رسوله ويسقيه اذا واصل, فكيف يتركه جائعاً حتى يحتاج الى شد الحجر على بطنه. ثم قال وماذا يغني الحجر من الجوع. ثم ادعى ان ذلك تصحيف ممن رواه وانما هي الحجز بالزاى جمع حجزة, وقد اكثر الناس من الرد عليه في جميع ذلك, وأبلغ ما يرد عليه به أنه أخرج في صحيحه من حديث ابن عباس (قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم بالهاجرة فراى ابا بكر وعمر, فقال ما أخرجكما؟ فالا ما أخرجنا الا الجوع فقال وانا والذي نفسي بيده ما أخرجني إلا الجوع- الحديث" فهذا لحديث يرد ما تمسك به. وأما قوله وما يغنى الحجر عن الجوع فجوابه أنه يقيم الصلب, لأن البطن اذا خلا ربما ضعف صاحبه عن القيام لإنثناء بطنه عليه, فاذا ربط عليه الحجر اشتد وقوى صاحبه على القيام حتى قال بعض من وقع له ذلك كنت اظن ان الرجلين يحملان البطن. فاذا البطن يحمل الرجلين اهـ باختصار (1) قال القسطلانى بهمزة وصل وسكون الكاف وفتح اللام من كلفت بهذا الأمر. أكلف به من باب علم يعلم أى"تكلفوا من العمل ما تطيقون" أى تطيقونه فحذف العائد أى الي تقدرون عليه ولا تتكلفوا فوق تطيقونه فتعجزوا اهـ, وضبطه الحافظ بضم اللام ولم اقف على من وافقه على ذلك, ففي العينى اكلفوا بفتح اللام كما في القسطلانى. وضبطه النووى في شرح مسلم بفتح اللام أيضاً, وكذلك صاحب النهاية (تخريجه) (ق. وغيرهما) ورواه الإمام مالك في الموطأ بدون قوله"فاكلفوا من العمل ما تطيقون"

الصفحة 80