كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)

.
__________
سعيد (إني لست كهيئتكم) وفي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهي عنها. ويواصل وينهى عن الوصال (قال الإمام الشافعي رحمه الله) بعد أن ذكر حديث النهي عن الوصال ـ وفرق الله بين رسوله وبين خلقه في أمور أباحها له وحظرها عليهم، وذكر منها الوصال (وقال الخطابي) الوصال من خصائص ما ابيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محظور على أمته، وحكى النووي في شرح المهذب اتفاق نصوص الشافعي والأصحاب على أنه من الخصائص، ثم ذكر خلافا في كيفية ذلك فنقل (عن الشافعي والجمهور) أنه مباح له، وعن أمام الحرمين أنه قربة في حقه صلى الله عليه وسلم (وأما النهي عنه) أي الوصال فيحتمل التحريم والكراهة لكن قوله في حديث أبي هريرة رضي الله عنه (اياكم والوصال) يقتضي التحريم، وكذا قوله في رواية أخرى لأبي هريرة وابي سعيد\، لا تواصلوا. وفي أحاديث ابن عمر وعائشة وبشير أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال. وقد اختلف العلماء في هذه المسألة (فذهب الجمهور) إلى النهي عنه وحكى ابن المنذر كراهته عن (مالك والثوري والشافعي وأحمد واسحاق) وقال العبدري من الشافعية هو قول العلماء كافة إلا ابن الزبير وهو متفق عليه في مذهب الشافعي (واختلفوا) في أنها كراهة تحريم أو تنزيه (فذهب الأكثرون إلى التحريم) وفيه وجهان مشهوران للشافعية (أصحهما) عندهم كراهة تحريم، وقال ابن شاس في الجواهر حكي أبو الحسن اللخمي قولين في جواز ذلك ونفيه، ثم اختار جوازه إلى السحر، وكراهيته غلى الليلة القابلة عملاً بحديث علي المذكور في الفصل الأول، وبحديث أبي سعيد المذكور في الفصل الثالث، ورواه البخاري أيضاً وفيه الترخيص لهم بالوصال إلى السحر (واليه ذهب الأمام أحمد واسحاق وابن المنذر وابن خزيمة وجماعة من المالكية) وهذا عندي أعدل الأقوال لأنه إن كان اسم الوصال إنما يصدق على إمساك جميع الليل فلا معارضة بين الأحاديث، وإن كان يصدق على أعم منذ لك فيبنى العام علىلخاص ويكون المحرم ما زاد على الغمساك إلى ذلك الوقت (وقال ابن قدامة في المغني) بعد تقريره كراهته إنه غير محرم، قال واستدل هؤلاء بقول عائشة رضي الله عنها (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم) كما في رواية الشيخين، وبكونه عليه الصلاة والسلام لما أبوا أن ينتهوا واصل بهم يومين وليلتين كما في حديث أبي هريرة عند الامام أحمد، وهو في الصحيحين أيضاً بلفظ (فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً) ولمسلم والإمام أحمد من حديث أنس (لو مد لي الشهر لواصلت وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم الحديث) تقدم في الفصل الثاني من الباب (واجاب القائلون بتحريمه) عن قولها (رحمة لهم) بأن ذلك لا يمنع كونه منهياً عنه للتحريم. وسبب تحريمه الشفقة عليهم لئلا يتكلفوا ما يشق عليهم (وعن الوصال بهم يوماً ثم يوماً) بأنه احتمل لمصلحة في تأكيد

الصفحة 87