كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 10)

.
__________
زجرهم (قال ابن العربي) تمكينهم منه تنكيل لهم. وما كان على طريق االعقوبة لا يكون من الشريعة اهـ (وذهب ىخرون) إلى أنه لا كراهة في الوصال وكان عبد الله بن الزبير يفعله (وروى ابن ابي شيبة) في مصنفه عن أبي نوفل بن عقرب قال، دخلت على ابن الزبير صبيحة خمسة عشر من الشهر وهو مواصل (وعن عبد الرحمن بن ابي نعيم) أنه كان يواصل خمسة عشر يوماً (وعن أبي العالية) أنه قال في الوصال للصائم قال الله تعالى (ثم أتموا الصيام إلى الليل) فإذا جاء الليل فهو مفطر ثم إن شاء صام وان شاء ترك (وذكر الماوردي) أن عبد الله بن الزبير واصل سبعة عشر يوماً ثم أفطر على سمن ولبن وصبر، قال وتأول في السمن أن يلين الأمعاء. واللبن ألطف غذاء، والبر يقوي الاعضاء (وفي الاستذكار لابن عبد البر عن مالك أن عامر بن عبد الله بن الزبير كلت يواصل في شهر رمضان ثلاثاً. فقيل له ثلاثة أيام؟ قال لا ومن يقوى؟ يواصل يومين وليلة (وحكى ابن حزم) عن ابن وضاح من المالكية أنه كان يواصل أربع ايام. واحتج هؤلاء بمثل ما احتج به الذاهبون إلى الكراهة، وقالوا أنهيهم عن الوصال رحمة بهم ورفق لا الزام وحتم، واستدلوا أيضاً بفعله صلى الله عليه وسلم ولم يروا ذلك مختصاً به، ويرده تصريحه عليه الصلاة والسلام باختصاصه بذلك في أحاديث الباب كقوله صلى الله عليه وسلم إنكم لستم في ذلك مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني, هذا"وفي أحاديث الباب" من الفوائد استواء المكلفين في الأحكام وان كل حكم ثبت في حق النبي صلى الله عليه وسلم ثبت في حق امته ألا ما لسنتى بدليل (وفيها) جواز معارضة المفتى فيما افتى به اذا كان بخلاف حاله ولم يعلم المستفتى بسر المخالفة (وفيه) الاستكشاف عن حكمة النهى (وفيها) ثبوت خصائصه صلى الله عليه وسلم وأن عموم قوله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة) مخصوص (وفيها) أن الصحابة كانوا يرجعون الى فعله المعلوم صفته ويبادرون الى الائتساء به الا فيما نهاهم عنه (وفيها) أن خصائصه لا يتأسى به فى جميعها وقد توقف في ذلك امام الحرمين, وقال ابو شامة, ليس لأحد التشبه به في المباح كالزيادة على اربع نسوة (ويستحب التنزه عن المحرم عليه) والتشبه به في الواجب عليه كالضحى. وأما المستحب فلا يتعرض له. والوصال منه. فيحتمل أن يقال ان لم ينه عنه لم يمنع الائتساب به فيه (وفيه) بيان قدرة الله تعالى على ايجاد المسببات العاديات من غير سبب ظاهر والله أعلم

الصفحة 88