كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[سبب مشروعية رمي الجمرات - وأن الذبيح اسماعيل على الأرجح]-
الشيطان عند السَّعي فسابقه فسبقه إبراهيم، ثمَّ ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة فعرض له شيطان (وفي لفظٍ الشيَّطان) فرماه بسبع حصيات حتَّى ذهب، ثمَّ عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات قال قد تلَّه للجبين (وفى لفظ وثمَّ تلَّه للجبين) وعلى إسماعيل قميص أبيض، وقال يا أبت إنَّه ليس لى ثوب تكفِّننى فيه غيره؛ فاخلعه حتَّى
__________
يكذبه، لأن السعى بين الصفا والمروة مشروع بنص القرآن. قال تعالى {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطَّوَّف بهما} وهو من أركان الحج عند الجمهور، ثم ذكر ابن عباس للسائل سبب مشروعية السعى وهو أن ابراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لما أمره الله بأداء مناسك الحج وذبح أحد ولديه قربانا لله تعالى عقب مناسك الحج، والراجح أنه اسماعيل كما صرح بذلك فى هذا الحديث، اعترضه الشيطان ليفسد عليه عبادته ففر منه ابراهيم تخلصا من شره، فتبعه الشيطان مسرها فأسرع ابراهيم فسبقه وكان ذلك بين الصفا والمروة (1) هذا اللفظ ليونس أحد الراويين اللذين روى عنهما الأمام أحمد هذا الحديث. يعنى أن الشيطان عرض له مرة ثانية يريد إفساد عبادته فرماه ابراهيم بسبع حصيات حتى ذهب عنه، ثم عرض له مرة ثالثة عند الجمرة الوسطى فرمان بسبع حصيات أيضا ليدفعه عن نفسه، والظاهر أن اسماعيل كان مع أبيه ابراهيم فى ذاك الوقت؛ وقد استحضره ابراهيم عليه السلام استعدادا لتنفيذ ما أمره الله به من ذبحه، وقد حاول الشيطان منعه بكل الوسائل فلم يفلح، ففى الرواية للبغوى أن الشيطان أقبل على ابراهيم عليه السلام فقال له أين تريد أيها الشيخ؟ قال أريد هذا الشعب لحاجة لى فيه، قال والله انى لأرى الشيطان قد جاءك فى منامك فأمرك بذبح ابنك هذا، فعرفه ابراهيم عليه السلام فقال اليك عنى يا عدو الله فوالله لأمضين أمر ربى، فرجع ابليس بغيظه (2) زاد البغوى هنا فى رواية "حتى ذهب حتى أدركه عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، ثم مضى ابراهيم لأمر الله عز وجل" (3) بفتح الثاء المثلثة أى وهناك تله للجبين، وهذا اللفظ ليونس أيضا "ومعنى تله للجبين" أى صرعه على وجهه ليذبحه من قفاه ولا يشاهد وجهه عند ذبحه ليكون أهون عليه (قال ابن عباس) رضى الله عنهما ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة "وتله للجبين" أى أكبه على وجهه (4) الظاهر أنه أراد بخلع القميص عدم تلوثه

الصفحة 102