كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[تحديد ذات عرق - وحجة القائلين بأن مهل أهل العراق لم ينبت مرفوعا]-
المدينة من ذي الحليفة، والطَّريق الأخرى الجحفة، ومهلُّ أهل العراق من ذات عرقٍ ومهلُّ أهل نجدٍ من قرنٍ، ومهلُّ أهل اليمن من يلملم (ومن
__________
ثم انتهى) أى سكت جابر عن الكلام ثم قال (أراه) بضم الهمزة أى أظنه، وقد ثبت فى رواية مسلم بعد قوله ثم انتهى "فقال أراه" يعنى أن جابرًا عدل عن قوله سمعت، وأتى بقوله أراه بدلها، والضمير فى قوله أراه يرجع إلى النبى صلى الله عليه وسلم بديل قول أبى الزبير (يريد النبى صلى الله عليه وسلم) فهذه الجملة من كلام أبى الزبير مفسرة لقول جابر أراه (يقول) يعنى النبى صلى الله عليه وسلم (مهل أهل المدينة من ذى الحليفة - الحديث) والمعنى أن أبا الزبير سمع بعض الناس يسأل جابرا عن مواضع إحرام الحجاج من جميع الجهات، فقال جابر سمعت ثم وقف عن الكلام، ثم قال أراه أى أظن أن النبى صلى الله عليه وسلم قال مهل أهل المدينة من ذى الحليفة الخ. وأما قوله يريد النبى صلى الله عليه وسلم فهو من كلام أبى الزبير يفسر به رجوع الضمير الى النبى صلى الله عليه وسلم فى قول جابر أراه يعنى مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم (قال النووى) رحمه الله لا يحتج بهذا الحديث مرفوعا لكونه لم يجزم برفعه (1) هو الجبل الصغير. وقيل العرق من الأرض السبخة تنبت الطرفاء وبينها وبين مكة اثنان وأربعون ميلا، وهذا صريح فى كونه ميقات أهل العراق، لكن قال النووى إنه غير ثابت لعدم جزمه برفعه (وأجيب) بأن قوله أراه أو أحسبه كما فى رواية لمسلم معناه أظنه، والظن فى باب الرواية يتنزل منزلة اليقين وليس ذلك قاد حافى رفعه، وأيضا فلو لم يصرح برفعه لا يقينا ولا ظنا فهو منزل منزلة المرفوع، لأن هذا لا يقال من قبل الرأى، وإنما يؤخذ توقيفا من الشارع، لا سيما وقد ضمه جابر إلى المواقيت المنصوص عليها يقينًا باتفاق، وقد أخرجه الأمام أحمد من رواية ابن لهيعة كما فى الطريق الثانية؛ وابن ماجه من رواية ابراهيم بن يزيد كلاهما عن أبى الزبير ولم يشكا فى رفعه، ووقع فى حديث عائشة عند أبى داود والنسائى بأسناد صحيح كما قاله النووى أن "رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق" لكن الأمام أحمد كان ينكر على أفلح بن حميد هذا الحديث، نعم قال ابن عدى قد حدث عنه ثقات الناس وهو عندى صالح وأحاديثه مستقيمة كلها وصححه الذهبى، وقال العراقى إن اسناده جيد، وروى الدارقطنى والأمام أحمد وسيأتى بعد هذا من حديث الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال "وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث" وسيأتى بلفظه، وفيه قال "ولأهل العراق ذات عرق" فهذه الأحاديث وإن كانت لا تخلوا من مقال، فمجموعها لا يقصر عن درجة الاحتجاج، وقد قال ذلك غير واحد

الصفحة 109