كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[اختلاف العلماء في ميقات أهل العراق هل هو العقيق أو ذات عرق والجمع بين ذلك]-
.....
__________
بمجموع الطرق يقوى (وممن قال بأنه غير منصوص) وإنما أجمع عليه الناس طاوس وبه قطع الغزالى والرافعى فى شرح المسند "يعنى مسند الشافعى" والنووى فى شرح مسلم وكذا وقع فى المدونة لمالك (وممن قال بأنه منصوص عليه) الحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية والرافعى فى الشرح الصغير. والنووى فى شرح المهذب. وقد أعله بعضهم بأن العراق لم تكن فتحت حينئذ، قال ابن عبد البر هى غفلة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت لأهل النواحى قبل الفتوح لكونه علم أنها ستفتح، فلا فرق فى ذلك بين الشام والعراق، وبهذا أجاب الماوردى وآخرون، وقد ورد ما يعارض أحاديث الباب فأخرج أبو داود والترمذى (قلت والأمام أحمد فى أحاديث الباب) عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق العقيق وحسنه الترمذى، ولكن فى اسناده يزيد بن أبى زياد (قال النووى) ضعيف باتفاق المحدثين (قال الحافظ) فى نقل الاتفاق نظر يعرف من ترجمته، ويريد المذكور أخرج حديثه أهل السنن الأربع ومسلم مقرونًا بآخر، قال شعبة لا أبالى إذا كتبت عن يزيد أن لا أكتب عن أحد، وهو من كبار الشيعة وعلمائها، ووصفه فى الميزان بسوء الحفظ، وقد جمع بين هذا الحديث وبين ما قبله بأوجه (منها) أن ذات عرق ميقات الوجوب، والعقيق ميقات الاستحباب لأنه أبعد من ذات عرق (ومنها) أن العقيق ميقات لبعض العراقيين وهم أهل المدائن، والآخر ميقات لأهل البصرة، ووقع ذلك فى حديث أنس عند الطبرانى وإسناده ضعيف (ومنها) أن ذات عرق كانت أولا فى موضع العقيق الآن ثم حولت وقربت إلى مكة، فعلى هذا فذات عرق والعقيق شاء واحد اهـ بتصرف واختصار (قال ابن المنذر) واختلفوا فى المكان الذى يحرم منه من أتى من العراق على ذات عرق، فكان أنس يحرم من العقيق، واستحب ذلك الشافعى (وكان مالك واسحاق وأحمد وأبو ثور) وأصحاب الرأى يرون الأحرام من ذات عرق، وقال أبو بكر الأحرام من ذات عرق يجزاء وهو من العقيق أحوط، وقد كان الحسن بن صالح يحرم من الربذة، وروى ذلك عن خصيف والقاسم بن عبد الرحمن (وفى أحاديث الباب أيضا) دلالة على أن من كان من أهل مكة وأراد الحج فميقاته من مكة نفسها، وتقدم الكلام على ذلك فى شرح الحديث الأول من أحاديث الباب، وإن أراد العمرة فميقاته من أدنى الحل (وفضَّل الأمام الشافعى وأصحابه) الأحرام بالعمرة من الجعرانة لأنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة وتقدم صحيفة 68 رقم 62 من حديث محرش الكعبى، وسيأتى فى باب طواف القدوم والرمل عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من جعرانة فرملوا بالبيت ثلاثا ومشوا أربعا، قالوا فان أخطأ الجعرانة فمن التنعيم، لأن النبى صلى الله عليه وسلم أعمر عائشة من التنعيم كما فى حديث الباب عن عبد الرحمن بن أبى بكر، وقد تقدم الكلام في الإحرام بالعمرة

الصفحة 115