كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[كلام العلماء فيمن أحرم قبل الميقات أو بعده - تتمة في مواقيت الحج الزمانية]-
.....
__________
من التنعيم ومذاهب العلماء فيه صحيفة 57 فى أحكام باب جواز العمرة فى أشهر السنة فارجع اليه إن شئت (وقد استدل بحديث أم سلمة) المذكور فى الباب على استحباب تقديم الأحرام على الميقات، ويؤيد ذلك ما أخرجه الأمام الشافعى فى الأم عن عمر والحاكم فى المستدرك بأسناد قوى عن على رضى الله عنهما أنهما قالا إتمام الحج والعمرة فى قوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} أن تحرم لهما من دويرة أهلك، بل ثبت ذلك مرفوعا من حديث أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فى قوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} قال إن من تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك، وهو المشهور عن عمر وعلى رضى الله عنهما (وبه قال الأمام أبو حنيفة وهو قول للأمام الشافعى) وصححه الرافعى، وحكاه ابن المنذر عن علقمة والأسود وعبد الرحمن وأبى اسحاق والبيهقى (قال ابن المنذر) وثبت أن ابن عمر أهلَّ من ايلياء وهو بيت المقدس (وذهب الأمامان مالك وأحمد) إلى أن الأفضل أن يحرم من الميقات، وبه قال عطاء والحسن البصرى واسحاق، وروى عن عمر بن الخطاب، حكاه ابن المنذر عنهم كلهم (وهو قول للأمام الشافعى) وصححه النووى قال وهو موافق للأحاديث الصحيحة "هن وقت لأهلهن ولمن مر بهن من غير أهلهن" أما من كان مسكنه بين مكة والميقات فميقاته موضعه (وبه قال الأئمة الأربعة) وطاوس وأبو ثور والجمهور، وقال مجاهد يحرم من مكة. ودليل الجمهور حديث ابن عباس المذكور أول الباب والله أعلم (تنبيه) حكى الأمام الشافعى وابن المنذر رحمهما الله عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه أحرم من الفرع (بضم الفاء وإسكان الراء) وهو بلاد بين مكة والمدينة بين ذى الحليفة وبين مكة، فتكون دون ميقات المدنى وابن عمر مدنى، وهذا ثابت عن ابن عمر، رواه الأمام مالك فى الموطأ بأسناده الصحيح، وتأوله الأمام الشافعى وأصحابه تأويلين (أحدهما) أن يكون خرج من المدينة إلى الفرع لحاجة ولم يقصد مكة ثم أراد النسك فان ميقاته مكانه (والثانى) أنه كان بمكة فرجع قاصدًا الى المدينة، فلما بلغ الفرع بدا له أن يرجع الى مكة فميقاته مكانه والله أعلم
(تتمة فى مواقيت الحج الزمانية)
اعلم أرشدنى الله واياك أن للحج مواقيت زمانية كما له مواقيت مكانية، وقد علمت المكانية وما فيها من الأحكام (أما الزمانية) فهى أشهر معلومة يكون الأحرام بالحج فيها، والأصل فى ذلك قول الله عز وجل {الحج أشهر معلومات} قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره اختلف أهل العربية فى قوله تعالى {الحج أشهر معلومات} فقال بعضهم تقديره الحج حج أشهر معلومات، فعلى هذا التقدير يكون الأحرام بالحج فيها أكمل من الأحرام فيما عداها وان كان ذاك صحيحا، والقول بصحة الأحرام فى جميع السنة (مذهب مالك وأبي حنيفة

الصفحة 116