كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[حديث ابن عباس في الجمع بين مختلف الأحاديث في مكان إهلال النبي صلى الله عليه وسلم]-
صلَّى الله عليه وسلَّم حين أوجب، فقال إنِّى لأعلم النَّاس بذلك، إنَّها إنَّما كانت من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حجَّة واحدة فمن هنالك اختلفوا، خرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حاجًّا، فلمَّا صلَّى فى مسجده بذى الحليفة ركعتيه أوجب فى مجلسه، فأهلَّ بالحجِّ حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوام فحفظوا عنه ثمَّ ركب فلمَّا استقلت به ناقته أهلَّ، وأدرك ذلك منه أقوام، وذلك أنَّ النَّاس إنَّما كانوا يأتون أرسالًا فسمعوه حين استقلَّت به ناقته يهلُّ فقالوا إنَّما أهلَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين استقلَّت به ناقته، ثمَّ مضى رسول اله صلَّى الله عليه وسلَّم فلمَّا علا على شرف البيداء أهلَّ، وأدرك ذلك منه أقوام، فقالوا إنَّما أهلَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين علا على شرف البيداء وأيم الله لقد أوجب في مصلاَّه، وأهلَّ حين استقلَّت به ناقته، وأهلَّ حين علا على شرف البيداء، فمن أخذ بقول عبد الله بن عبَّاس
__________
ما يجتنبه المحرم والتزم ذلك، ويحتمل أيضا أنه أوجب لنفسه الجنة والثواب عند الله تعالى باحرامه، حتى لو مات وهو محرم قبل إتمام الحج كتب له ثواب الحج وجاء يوم القيامة ملبيا كما ورد فى صحاج الأحاديث (1) أى نقلوا عنه أنه صلى الله عليه وسلم أهل بذلك المكان بعد فراغه من صلاة ركعتيه بمسجد ذى الحليفة (2) أى فلما نهضت برسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته وارتفعت وتعالت (أهل) يعنى لبى (3) بفتح الهمزة أى جماعات متتابعين (4) أى لان مجيئهم صادف إهلاله وهو على ناقته فظنوا أنه لم يهل إلا فى ذلك الوقت، فنقلوا عنه صلى الله عليه وسلم أنه أهل حين استقلت به راحلته لأنهم لم يسمعوا إهلاله بالمسجد (5) أى أعلى مكان فيها (والبيداء) مكان قريب من ذى الحليفة فوق علميها (أى علمى ذى الحليفة) لمن صعد من الوادى، قاله أبو عبيد البكرى وغيره (6) أى لأن مجيئهم صادف إهلاله حين علا على شرف البيداء فظنوا أنه لم يهل إلا فى هذا المكان، فنقلوا عنه أنه صلى الله عليه وسلم إنما أهل فى هذا المكان لأنهم لم يروا إهلاله السابق (7) هذه الجملة من كلام سعيد بن جبير كما صرح بذلك فى رواية أبى داود بلفظ "قال سعيد فمن أخذ بقول ابن عباس الخ" ومعناه أن من بلغه قول ابن عباس من أهل المدينة ومن على ميقاتها أهل من ذى الحليفة بعد فراغه من صلاة الركعتين

الصفحة 119