كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[اختلاف المذاهب في حكم الطيب لمن أراد الأحرام وإدلاء كل بحجته]-
.....
__________
من الهجرة, وإنما قلنا إنه كان عام حجة الوداع لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد الهجرة غيرها بالأجماع (الثالث) أنه يحتمل أنه استعمل الطيب بعد إحرامه فأمر بأزالته, وفى هذا الجواب جمع بين الأحاديث فيتعين المصير اليه اهـ ج (واعلم) أن القاضى عياضا وغيره كالطحاوى ومحمد بن الحسن ممن يقول بكراهة الطيب قبل الأحرام, قالوا ويزيد هذا قولها فى الرواية الأخرى "طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند احرامه ثم طاف على نسائه ثم أصبح محرما" هكذا ثبت فى رواية لمسلم, فظاهره أنه إنما تطيب لمباشرة نسائه ثم زال بالغسل بعده لاسيما وقد نقل أنه كان يتطهر من كل واحدة قبل الأخرى ولا يبقى مع ذلك طيب؛ ويكون قولها (ثم أصبح ينضخ طيبا) كما ثبت فى رواية لمسلم أى أصبح ينضخ طيبا قبل غسله, وقد ثبت فى رواية لمسلم (قلت والأمام أحمد) أن ذلك الطيب كان ذريرة وهى مما يذهبه الغسل, قالوا وقولها "كأنى أنظر إلى وبيص الطيب فى مفارق رسول الله وهو محرم" المراد أثره لا جرمه هذا اعتراضهم (والصواب) ما قاله الجمهور من استحباب الطيب للأحرام لقولها طيبته لأحرامه وهذا ظاهر فى أن التطيب للأحرام لا للنساء, ويعضده قولها كأنى أنظر الى وبيص الطيب, وتأويلهم المذكور غير مقبول لمخالفته الظاهر بغير دليل يحملنا عليه والله أعلم اهـ (ونقل العينى) عن الطرطوشى أنه قال يكره الطيب المؤنث كالمسك والزعفران والكافور والغالية والعود ونحوها, فان تطيب وأحرم فعليه الفدية, فان آكل طعامًا فيه طيب فان كانت النار مسته فلا شئ عليه وإن لم تمسه النار فه وجهان "وأما غير المؤنث" مثل الرياحين والياسمين والورد فليس من ذلك. ولا فدية فيه أصلا, والطيب المؤنث طيب النساء كالخلوق والزعفران. قاله شمر (وأما شم الريحان) ففى شرح المهذب الريحان الفارسى والمرزنجوش واللينوفر والنرجس فيها قولان (أحدهما) يجوز شمها لما روى عن عثمان رضى الله عنه أنه شئل عن المحرم يدخل البستان؟ قال نعم, ويشم الريحان (والثانى) لا يجوز لانه يراد الرائحة فهو كالورد والزعفران, والأصح تحريم شمها ووجوب الفدية, وبه قال ابن عمر وجابر والنووى (ومالم وأبو حنيفة) وأبو ثور إلا أن أبا حنيفة ومالكا يقولان يحرم ولا فدية (وقال ابن المنذر) واختلف فى الفدية عن عطاء وأحمد, وممن جوزه وقال هو حلال ولا فدية فيه عثمان وابن عباس والحسن ومجاهد واسحاق رحمهم الله تعالى, قال العبدرى وهو قول أكثر العلماء وفى التوضيح الحناء عندنا ليس طيبا خلافا لابى حنيفة (وعند مالك وأحمد) فيه الفدية, وقالت عائشة وكان صلى الله عليه وسلم يكره ريحه, أخرجه أبى عاصم فى كتاب الخضاب, وكان يحب الطيب فلو كان طيبا لم يكرهه (وأما الطيب بعد رمي الجمرة)

الصفحة 133