كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[مناقشة علي لعثمان في نهيه عن العمرة في أشهر الحج وإقامة الدليل عليه واعتذار عثمان]-
عثمان بن عفَّان رضى الله عنه بالجحفة ومعه رهط من أهل الشَّام فيهم حبيب بن مسلمة الفهرىُّ إذ قال عثمانوذكر له التَّمتُّع بالعمرة إلى الحجِّ إن أتمَّ للحجِّ والعمرة أن لا يكونا في أشهر الحجِّ فلو أخَّرتم هذه العمرة حتَّى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل، فإنَّ الله تعالى قد وسَّع في الخير، وعلىُّ بن أبى طالب رضى الله عنه فى بطن الوادي يعلف بعيرًا له فبلغه الَّذى قال عثمان، فقال أعمدت إلى سنَّةٍ سنها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ورخصةٍ رخَّص الله تعالى بها للعباد في كتابه تضيِّق عليهم فيها وتنهى عنها وقد كانت لذى الحاجة ولنائى الدَّار ثمَّ أهلَّ بحجَّةٍ وعمرةٍ معًا، فأقبل عثمان على النَّاس
__________
يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق حدثنى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال والله إنا لمع عثمان- الحديث" (غربيه) (1) بضم الجيم وإسكان الحاء المرحلة وفتح الفاء اسم قرية تقدم الكلام عليها فى باب مواقيت الأحرام صحيفة 105 وهى مقيات أهل الشام (2) قال فى التقريب حبيب بن مسلمة بن مالك بن وهب القرشى الفهرى المكى نزيل الشام وكان يسمى حبيب الروم لكثرة دخوله عليهم مجاهدا، مختلف فى صحبته، والراجح ثبوتها لكنه كان صغيرا، وله ذكر فى الصحيح فى حديث ابن عمر مع معاوية، مات بأرمينية وكان أميرا عليها لمعاوية سنة اثنتين وأربعين (3) معناه أن الأفضل لمن يريد الحج أن لا يجمع بينه وبين العمرة فى أشهر الحج سواء فى ذلك القارن والمتمتع بالعمرة فى أشهر الحج، وإنما يحرم بالحج مفردًا ثم يعتمر فى غير أشهر الحج ليكون قد زار البيت مرتين، مرة للحج ومرة للعمرة، وهذا معنى قوله "فلو أخرتم هذه العمرة حتى تزوروا البيت زورتين كان أفضل" وهذا رأى عثمان رضى الله عنه واجتهاده كما صرح به فى آخر الحديث (4) يشير الى قوله تعالى {فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدى} (5) يعنى أن الله تعالى رخص للناس بالتمتع فى أشهر الحج رحمة بهم، لأن منهم الفقير لاذي لا يمكنه زيارة البيت مرتين فى العام، ومنهم صاحب الأشغال الكثيرة التى لا تسمح له بذلك، ومنهم من بلده بعد يشق عليه الزيارة مرة أخرى لأجل العمرة والله أعلم بخلقه، وقد رخص لهم فى ذلك ولم يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، فلا ينبغى ولا يجوز أن يفتى بالرأى مع وجود

الصفحة 153