كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[حجة القائلين بجواز التمتع وأن المتمتع لا يحل من إحرامه إذا كان معه هدى]-
عام حجَّة الوداع فأهللنا بعمرةٍ ثمَّ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من كان معه هدى فليهلَّ بالحجِّ مع العمرة ثمَّ لا يحلُّ حتَّى يحلَّ منها جميعًا قالت فقدمت مكَّة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصَّفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال انقضى رأسك وامتشطى وأهلِّى بالحجِّ ودعى العمرة قالت ففعلت، فلمَّا قضينا الحجَّ أرسلنى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم مع عبد الرَّحمن بن أبى بكر إلى التَّنعيم فاعتمرت فقال هذه مكان عمرتك قالت فطاف الَّذين أهلوُّا بالعمرة بالبيت وبين الصَّفا
__________
الزهري عن عروة عن عائشة_ الحديث" (غريبه) (1) تعني نفسها وآخرين وافقوها، وأحرم آخرون بالحج كما ثبت في الآحاديث المتقدمة (2) قال القاضي عياض رحمه الله الذي تدل عليه نصوص الآحاديث في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من رواية عائشة وجابر وغيرهما ان النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال لهم هذا القول بعد إحرامهم بالحج في منتهى سفرهم ودنوهم من مكة بسرف كما جاء في رواية عائشة، أو بعد طوافه بالبيت وسعيه كما جاء في رواية جابر، ويحتمل تكرار الامر بذلك في الموضعين وأن العزيمة كانت آخرا حين أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة (3) أي اتتركي العمل فيها وإتمام أفعالها التي هي الطواف والسعي وتقصير شعر الرأس، وليس معناه رفضها بالكلية، وإنما أمرها صلى الله عليه وسلم بالأعراض عن أفعال العمرة وأن تحرم بالحج فتكون قارنة وتقف بعرفات وتفعل المناسك كلها إلا الطواف فتؤخره حتى تطهر وكذلك فعلت، ومما يؤيد ذلك ما تقدم في حديث جابر في آخر باب ما يصنع من أراد الاحرام من الفعل والطيب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها طوفي بالبيت "يعني طواف الأفاضة" وبين الصفا والمروة، ثم قد أحللت من حجك وعمرتك، فهذا يفيد بقاء عمرتها صحيحة مجزئة وأنها كانت قارنة (4) معناه أنها أرادت أن يكون لها عمرة منفردة عن الحج كما حصل لسائر أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابة الذين فسخوا الحج الى العمرة وأتموا العمرة وتحللوا منها قيل يوم التروية ثم أحرموا بالحج من مكة يوم التروية فحصل لهم عمرة منفردة وحجة منفردة، وأما عائشة فأنما حصل لها عمرة مندرجة في حجة بالقران، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم يوم النفر يسعك طوافك لحجك وعمرتك، أي وقد تما وحسبا لك جميعا فأبت وأرادت عمرة منفردة كما حصل لباقي الناس، فلما اعتمرت عمرة منفردة قال لها النبي صلى الله عليه وسلم

الصفحة 168