كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[جواز إدخال الحج على العمرة والتحلل بالأحصار]-
أن لا تحجَّ هذا العام، فإنَّا نخشى أن يكون بين النَّاس قتال، وأن يحال بينك وبين البيت، قال إن حيل بينى وبينه فعلت كما فعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا معه حين حالت كفَّار قريش بينه وبين البيت أشهدكم أنِّى قد أوجبت عمرةً فإن خلِّى سبيلى قضيت عمرتى، وإن حيل بينى وبينه فعلت كما فعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا معه ثمَّ خرج حتَّى أتى ذا الحليفة فلبَّي بعمرةٍ ثمَّ تلا {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} ثمَّ سار حتَّى إذا كان بظهر البيداء قال ما أمرهما إلاَّ واحد، إن حيل بيني وبين العمرة حيل بيني وبين الحجِّ، أشهدكم أنِّى قد أوجبت حجَّةً مع عمرتى فانطلق حتَّى ابتاع
__________
فبايعوا عبد الله بن الزبير وتم له ملك الحجاز والعراق وخراسان وأعمال المشرق، وبابع أهل الشام ومصر مروان بن الحكم، فلم يزل الأمر كذلك حتى مات مروان وولى ابنه عبد الملك فمنع الناس الحج خوفًا أن يبايعوا ابن الزبير ثم بعث جيشًا أمَّر عليه الحجاج بن يوسف الثقفى فقاتل أهل مكة وحاصرهم حتى غلبهم وقتل ابن الزبير وصلبه، وذلك سنة ثلاث وسبعين (1) يعنى فى عمرة الحديبية حيث منعوا النبى صلى الله عليه وسلم من دخول مكة، فقد روى الأمام مالك فى الموطأ أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حل هو وأصحابه بالحديبية فنحروا الهدى وحلقوا رءوسهم وحلوا من كل شئ قبل أن يطوفوا بالبيت وقبل أن يصل اليه الهدى؛ ثم لم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحدًا من أصحابه (يعنى المتقدمين ى صحبته الملازمين له) ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئًا ولا يعودوا لشئ {وقوله أشهدكم} إنما قاله ليعلمه من أراد الاقتداء به ممن كانوا معه، فلهذا قال أشهدكم ولم يكتف بالنية مع أنها كافية فى صحة الأحرام (2) تقدم بيان ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية مالك فى الموطأ (3) أى لأنه ميقات أهل المدينة، وإنما أهل بعمرة ليوافق ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم حيث أحرم بعمرة الحديبية سنة ست (4) تقدم الكلام عليها وهى مكان قريب من ذى الحليفة {وقوله ما آمرهما إلا واحد} يعنى الحج والعمرة فى حكم الحصر، فاذا جاز التحلل فى العمرة مع أنها غير محدودة بوقت فهو فى الحج أجوز (5) يعنى أنه أدخل الحج على العمرة

الصفحة 171