كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[أحكام الباب ومذاهب العلماء في جواز إدخال الحج على العمرة]-
سمعت ابن عبَّاس رضى الله عنهما يقول أهلَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالعمرة وأهلَّ أصحابه بالحجِّ، قال روح أهلَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وأصحابه بالحجِّ فمن لم يكن معه هدى أحلَّ وكان ممَّن لم يكن معه هدي طلحة ورجل آخر فأحلاَّ
__________
عن مسلم القرى بالسماع، وأما محمد بن جعفر فرواه عنه بالعنعنة " والقرى" بضم القاف وكسر الراء مشددة، وتقدم الكلام عليه في الباب السابق (1) لعله يريد بقوله "أهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة" أي لبى بتا لا أحرم ليوافق الأحاديث الكثيرة الصحيحة عن ابن عباس أيضًا وغيره عند الشيخين والأمام أحمد وغيرهم أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج أولا (2) يعني أن روحا قال في روايته أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه (يعني وبعض أصحابه) بالحج وهذه الرواية تؤيد ماقلنا من أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج أوّلا (وقال البيهقي) بعد ذكر هذا الحديث وقول من قال إنه أهل بالحج لعلة أشبه لموافقته رواية أبي العالية البراء وابي حسان الأعرج عن ابن عباس في إهلال النبي صلى الله عليه وسلم بالحج والله أعلم (تخريجه) (م. نس. هق) (الأحكام) أحاديث الباب يستفاد منها جملة أحكام (منها) جواز إدخال الحج على العمرة كما في ترجمة الباب، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء لكن بشرط أن يكون الأدخال قبل الشروع في طواف العمرة، وقيل إن كان قبل مضي أربعة أشواط صح (وهو قول الحنفية) وقبل ولو بعد تمام الطواف (وهو قول المالكية) وشذ بعض الناس فمنعه مطلقًا، وقال لا يدخل إحرام على إحرام كما لا تدخل صلاة على صلاة، ونقل ابن عبد البر أن أبا ثور شذ فمنع ادخال الحج على العمرة قياسًا على منع إدخال العمرة على الحج مع أن إدخال العمرة على الحج ثابت بفعله صلى الله عليه وسلم وإن اختلفوا فيه، فجوزه أصحاب الرأي (وهو قول الشافعي) ومنعه آخرون وجعلوه خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم لضرورة الاعتماد حينئذ في أشهر الحج (ومنها) أن القارن يقتصر على طواف واحد وسعي واحد (وهو مذهب الجمهور) وخالف فيه الأمام أبو حنيفة وطائفة (ومنها) جواز التحلل بالأحصار (ومنها) أن القارن يهدى، وشذ ابن حزم فقال لا هدى على القارن (ومنها) صحة القياس والعمل به وأن الصحابة رضي الله عنهم كان يستعملونه، ولهذا قاس ابن عمر رضي الله عنهما الحج على العمرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تحلل من الأحصاء عام الحديبية من إحرامه بالعمرة وحدها (ومنها) جواز الخروج إلى النسك في الطريق المظنون خوفه إذا رجا السلامة. قاله ابن عبد البر (ومنها) غير ذلك تقدم بعضه في الشرح والله أعلم

الصفحة 173