كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[كلام العلماء في معنى التلبية واشتقاقها]-
(10) باب التلبية وصفتها واحكامها
(فيه ثلاثة فصول - الفصل الأول فيما جاء في ألفاظها وفضلها)
(139) خط عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما كان يقول سمعت النَّبىَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لبَّيك الَّلهمَّ لبَّيك لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إنَّ الحمد
__________
(139) "خط" عن نافع (سنده) حدّثنا عبد الله قال وجدت كتاب أبي ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج أخبرني نافع أن ابن عمر كان يقول -الحديث" (غريبة) (1) قال ابن المنير مشروعية التلبية تنبيه على إكرام الله تعالى لعباده بأن وفودهم على بيته إنما كان باستدعاء منه سبحانه وتعالى (قال المازري) التلبية مثناة للتكثير والمبالغة ومعناها إجابة بعد إجابة ولزوما لطاعتك فثنى للتوكيد لا تثنية حقيقة (وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام) لب بالمكان إذا أقام به، فالملبي يخبر عن إقامته وملازمته لعبادة الله عز وجل وثنى هذا المصدر لتدل التثنية على الكثرة فكأنه يقول تلبية بعد تلبية أبدًا، وليس المراد مرتين فقط لقوله عز وجل {ثم ارجع البصر كرتين} المراد كرة بعد كرة أبدًا ما استطعت، وإذا كان المعنى في التلبية الأخبار بالملازمة على العبادة فهل المراد كل عبادة الله أيّ عبادة كانت ـو العبادة التي هو فيها من الحج؟ الأحسن عند المفسرين الثاني دون الأول للاهتمام بالمقصود (وقال القاضي عياض) قيل هذه الأجابة لقوله تعالى لابراهيم صلى الله عليه وسلم {وأذن في الناس بالحج} (وقال إبراهيم الحربى) في معنى لبيك أي قربا منك وطاعة والألباب القرب (وقال أبو نصر) معناه أنا ملب بين يديك أي خاضع (2) يروى بكسر الهمزة من إن وفتحها وجهان مشهوران لأهل الحديث وأهل اللغة (قال الجمهور) الكسر أجود، قال الخطابى الفتح رواية العامة، وقال ثعلب الاختيار الكسر وهو الأجود في المعنى من الفتح، لأن من كسر جعل معناه إن الحمد والنعمة لك على كل حال، ومن فتح قال معناه لبيك لهذا السبب (وقوله والنعمة لك) المشهور فيه نصب النعمة (قال القاضي عياض) ويجوز رفعها على الابتداء ويكون الخبر محذوفًا (قال ابن الأنباري) وإن شئت جعلت خبر إن محذوفًا تقديره إن الحمد لك والنعمة مستقرة لك اهـ قال الكرماني وحاصله أن النعمة والشكر على النعمة كليهما لله تعالى {وقوله والملك} يجوز فيه الوجهان الرفع والنصب كما تقدم (قال ابن المنير) قرن الحمد والنعمة وأفرد الملك، لأن الحمد متعلق النعمة، ولهذا يقول الحمد لله على نعمه؛ فكأنه قال لا حمد إلا لك لأنه لا نعمة إلا لك {وأما الملك} فهو مستقل بنفسه، ذكر لتحقيق أن النعمة كلها لله لأنه صاحب الملك

الصفحة 174