كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[زوائد الباب - وحجج القائلين بوجوب الحج على الفور]-
__
__________
مثل خف بعير لوقعتم، فأنزل الله عز وجل عند ذلك {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم- الآية} (طب) واسناده حسن جيد (وعن ابن مسعود) رضى الله عنه قال أمرتم بأقامة أربع. اقامة الصلاة. وايتاء الزكاة. وأقيموا الحج والعمرة الى البيت. والحج الحج الأكبر، والعمرة الحج الأصغر (طب) ورجاله ثقات، أوردهما الهيثمى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب الحج وجوا عينيًا على كل مسلم مكلف مستطيع وذلك باجماع المسلمين، وتظاهرت على ذلك دلالة الكتاب والسنة وإجماع الأمة، والأصل فى ذلك قول الله عز وجل {ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا} هذه آية وجوب الحج عند الجمهور، وقيل بل هى قوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} والأول أظهر، وقد وردت الأحاديث الصحيحة المتعددة بأنه أحد أركان الأسلام ودعائمه وقواعده، وأجمع المسلمون على ذلك اجماعا ضروريا؛ وإنما يجب على المكلف فى العمر مرة واحدة بالنص والأجماع، وقد جاء ذلك صريحًا فى حديث ابن عباس الثانى من أحاديث الباب أن الأقرع بن حابس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج كل عام؟ فقال لا- بل حجة واحدة فمن حج بعد ذلك فهو تطوع- الحديث" وفى حديث أبى هريرة الأخير من أحاديث الباب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسائه عام حجة الوداع هذه ثم ظهور الحصر وغير ذلك كثير فى أحاديث الباب (وقد اختلف العلماء) هل الحج واجب على الفور أم على التراخى؟ (فذهب جماعة) إلى أنه واجب على الفور لما جاء فى حديث ابن عباس أو الفضل أو أحدهما عن صاحبه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أراد أن يحج فليتعجل- الحديث" وللأمام أحمد أيضا وأبى داود حديث آخر عن ابن عباس وحده عن النبى صلى الله عليه وسلم قال تعجلوا الى الحج يعنى الفريضة فان أحدكم لا يدرى ما يعرض له، والى القول بالفور ذهب الأئمة (أبو حنيفة وأبو يوسف ومالك وأحمد) والمزنى من أصحاب الشافعى ومن أهل البيت زيد بن على والهادى والمؤيد بالله والناصر، واحتج لهم بقوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} وهذا أمر والأمر يقتضى الفور، وبحديث ابن عباس السابق "من أراد أن يحج فليتعجل" وبما رواه سعيد بن منصور فى سننه عن عبد الرحمن بن سابط قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات ولم يحج حجة الأسلام لم يمنعه مرض حابس أو سلطان جائر أو حاجة ظاهرة فليمت على أى حال شاء يهوديا أو نصرانيا، ولأن وجوبه على التراخى يخرجه عن رتبة الواجبات لأنه يؤخر الى غاية، ولا يأثم بالموت قبل فعله لكون الشارع رخص له فى تأخيره، وليس على الموت أمارة يقدر بعدها على فعله (وذهب الائمة الشافعى والأوزاعى والثورى) ومحمد بن الحسن ونقله الماوردى عن ابن عباس وأنس وجابر وعطاء وطاوس إلى أنه واجب على التراخي

الصفحة 19