كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[الدليل على عدم جواز لبس المخيط والطيب للمحرم]-
سكت فجاءه الوحي، فأشار عمر إلى يعلى أن تعال فجاء يعلى فأدخل رأسه (وفى لفظٍ قال فأدخلت رأسي معهم في السِّتر) فإذا النَّبىَّ صلَّى الله عليه وسلَّم محمر الوجه يغطُّ كذلك ساعةً ثمَّ سرِّى عنه، فقال أين الَّذى سألنى عن العمرة آنفًا؟ فالتمس الرَّجل فأتى به، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أمَّا الطِّيب الَّذى بك فاغسله ثلاث مرَّات وأمَّا الجبة فانزعها ثمَّ اصنع فى عمرتك كما تصنع فى حجَّتك (ومن طريقٍ ثانٍ) عن عطاءٍ عن يعلى بن أميَّة قال جاء أعرابى إلى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وعليه جبَّة وعليه ردع
__________
رواية مسلم بقوله " يعني جبة" (1) إنما سكت صلى الله عليه وسلم عن الجواب لانتظار الوحي (2) أشار عمر رضي الله عنه ليعلى بالمجاء ليبلغ أمنيته وهي رية النبي صلى الله عليه وسلم عند مجاء الوحي (3) أي تحت الثوب الذي يحول بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من أصحابه رضي الله عنهم (4) بكسر الغين المعجمة، الغطيط هو كصوت النائم الذي يردده مع نفسه، وسبب ذلك شدة الوحي وهو له، قال تعالى {إنا سنلقى عليك قوًلا ثقيًلا} وقوله (سرى عنه) هو بضم السين المهملة وكسر الراء المشددة أي أزيل ما به وكشف عنه (5) قال النووي إنما أمر بالثلاث مبالغة في إزالة لونه وريحه والواجب الازالة فإن حصلت بمرة كفت ولم تجب الزيادة، ولعل الطيب الذي كان على هذا الرجل كثير، ويؤيده قوله متضمخ (قال القاضي) ويحتمل أنه قال له ثلاث مرات أغسله فكرر القول ثلاثًا، والصواب ما سبق والله أعلم اهـ (قلت) والظاهر أنه كان على بدنه منه شيء وإلا لاكتفى بأمره بنزع الجبة والله أعلم (وقوله وأما الجبة فانزعها) استدل به الجمهور على أن المحرم إذا صار عليه مخيط ينزعه ولا يلزمه شقه، وقال الشعبي والنخعي لا يجوز نزعه لئلا يصير مغطيا رأسه بل يلزمه شقه (قال النووي) وهذا مذهب ضعيف وقال في قوله "ثمن اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجتك) معناه من اجتناب المحرمات، ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم مع ذلك الطواف والسعي والحلق بصفاتها وهيئاتها وإظهار التلبية وغير ذلك مما يشترك فيه الحج والعمرة ولا يخص من عمومه مالا يدخل في العمرة من أفعال الحج كالوقوف والرمي والمبيت بمنى ومزدلفة وغير ذلك (6) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم ثنا منصور وعبد الملك عن عطاء عن يعلى بن أمية قال جاء أعرابي-الحديث" (7) أي لطخ لم يعمه كله

الصفحة 198