كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[مذاهب العلماء في لبس الخف والسراويل للمحرم إذا لم يجد إزاراً ولا نعلين]-
.....
__________
ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ببيت المقدس أو في المسجد إذ طلع رجل عليه، معصفرة ثيابه، فقال عبد الله بن عمرو أحرمت في مثل هذا الثوب فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاني عن لبسه، ثم رجعت إلى البيت فصنعت به صنيعًا ولوددت أني صنعت غيرهن قال قلت ما الذي صنعت، قال أوقدت لم تنورًا ثم طرحته فيه، ورواه عمرو بن شعيب عن أبيه ع جده فأخبر أنه لا بأس بذلك للنساء (هق) (وعن أبي الزبير) أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يسال عن الريحان يشمه المحرم والطيب والدهن فقال لا (وعن نافع) عن ابن عمر أنه كان يكره شم الريحان للمحرم (وعن عكرمة) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان لا يرى باسًا للمحرم يشم الريحان، روى هذه الآثار الثلاثة للبيهقى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة مسائل (منها) الأمور الستة التي يجتنبها المحرم وقد جاءت مبينة في حديث ابن عمر المذكور أول الباب وهي القميص والعمامة والبرنس والسراويل والخف والثوب الذي مسه الورس أو الزعفران، وهذا المنع مختص بالرجل فلا يلحق به المرأة (قال ابن المنذر) أجمعوا على أن للمرأة لبس جميع ذلك، وإنما تشترك مع الرجل في منع الثوب الذي مسه الزعفران أو الورس (وقال القاضي عياض) رحمه الله أجمع المسلمون على أن ماذكر في هذا الحديث لا يلبسه المحرم، وقد نبه بالقميص على كل مخيط، والعمامة والبرنس على غيره، وبالخفاف على كل سائر اهـ (واختلفوا فيمن لم يجد ازارًا ولا نعلين) (فذهب الأمام أحمد) إلى انه يلبس الخف والسراويل على حالهما والفدية عليه عمًلا بحديثي جابر وابن عباس المذكورين في الباب بلفظ (إذا لم يجد المحرم ازارًا فليلبس السراويل، وإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين (وذهب الجمهور) إلى قطع الخف وفتق السراويل لمن لم يجد الأزار والنعلين، ويلزمه الفدية عندهم إذا لبس شيئًا منهما على حالخه لقوله في حديث ابن عمر المتقدم في أحاديث الباب (فليقطعهما) فيحمل المطلق على المقيد ويلحق النظير بالنظير (وقالت الحنفية) يلزم الفدية في لبس الخف لعدم وجود النعل ولو قطعه (قال ابن قدامة) الأولى قطع الخفين عمًلا بالحديث الصحيح وخروجا من الخلاف 0 قال الحافظ) (والأصح عند الشافعية) والأكثر جواز لبس السراويل بغير فتق كقول أحمد، واشترط الفتق محمد بن الحسن وإمام الحرمين وطائفة وذهب الأمامان (أبو حنيفة ومالك) إلى منع السراويل للمحرم مطلقًا، والحديثان المذكوران يردان عليهما، ومن أجاز ليس السراويل على حاله قيده بأن لا يكون على حالة لو فتقه لكان ازارًا، لأنه في تلك الحال يكون واحدًا للأزار كما قال الحافظ، وقد أجاب الحنابلة على الحديث الذي احتج به الجمهور على وجوب القطع بأجوبة (منها) دعوى النسخ لأن حديث ابن عمر كان بالمدينة قبل الإحرام، وحديث

الصفحة 202