كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[مذاهب العلماء في لبس النقاب والقفازين للمرأة المحرمة]-
.....
__________
بنت أبي بكر تغطى وجهها وهي محرمة، وروينا عن عائشة أنها قالت المحرمة تغطي وجهها إن شاءت (وقال ابن عبد البر) وعلى كراهة النقاب للمرأة جمهور علماء المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمصار أجمعين إلا شيء روى عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة، وعن عائشة أنها قالت تغطي المرأة وجهها إن شاءت (أي لحاجة) وروى عنهما أنها لا تفعل، وعليه الناس اهـ (وأما ليس المرأة القفازين) فمختلف فيه (ذهب الأمامان مالك وأحمد) إلى منعه وهو أصح القولين (عن الشافعي) وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر وعطاء ونافع وابراهيم النخعي، وقال ابن المنذر اتقاؤه أحب إلى للحديث الذي جاء فيه (وقال ابن عبد البر) الصواب عندي نهى المرأة عنه ووجوب الفدية عليها به لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم (وذهب آخرون) إلى جوازه، وحكاه ابن المنذر عن سعد ابن أبي وقاس وعائشة وعطاء والثوري ومحمد بن الحسن وحكاه النووي وغيره (عن أبي حنيفة) قال ابن البر يشيه أن يكون مذهب ابن عمر، لأنه كان يقول إحرام المرأة في وجهها اهـ. وهو رواية المزني عن الشافعي، وصححه الغزالي والبغوى (قال الرافعي) لكن أكثر النقلة على ترجيح الأول (وحكى الخطابي) عن أكثر أهل العلم أنه لا فدية عليها إذا لبست القفازين وهو قول عند المالكية (وأما ستر المرأة يديها) بغير مخيط كما لو اختضبت فألقت على يديها خرقة فوق الخضاب أو ألقتها بلا خضابن فالمشهور من مذهب الشافعي رحمه الله جوازه، وبعضهم أجرى فيه القولين في القفازين؛ وقال الشيخ أبو حامد إن لم تشد الخرقة جاز، وإلا فالقولان (فعلى المشهور) يكون عليه الصلاة والسلام نبه بالقفازين على مافي معناهما من المخيط أو المحيط (وعلى الثاني) يكون نبه بتا على مطلق الساتر والله أعلم (ومن مسائل الباب أيضًا) أن المراد باللبس المنهي عنه اللبس المعتاد فلو ارتدى القميص ونحوه لم يمنع منه فإنه لا يعد لابسًا له في العرف " فإن قلت كيف ذلك" وقد ثبت في أحاديث الباب عن نافع قال وجد ابن عمر القر وهو محرم فقال الق على ثوبًا فألقيت عليه برنسًا فأخره وقال تلقى على ثوبًا قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلبسه المحرم رواه أيضًا البخاري وأبو داود والبيهقى (فالجواب) ماقاله ابن عبد البر، وهو أن هذا من ورعه وتوقيه كره أن يلقى عليه البرنس، وسائر أهل العلم إنما يكرهون الدخول فيه ولكنه رضي الله عنه استعمل العموم في اللباس لأن التغطية والامتهان قد يسمى لباسًا، الم تسمع إلى قول أنس فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس اهـ وهو يقتضي إن ابن عمر إنما فعل ذلك احتياطًا لا اعتقادًا للوجوب (قال العراقي) حمه الله في شرح الترمذي كان مفرجا كالقباء بحيث لو قام عدّ لابسًاً له، فإن بعض البرانس كذلك، وقد حكى

الصفحة 204