كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[مذاهب العلماء في المعصفر والادهان بالزيت وشم الريحان]-
.....
__________
رأسه بل يلزمه شقه (قال النووى) وهذا مذهب ضعيف، قال وفي هذا الحديث دليل للقاعدة المشهورة أن القاضي والمفتى إذا لم يعلم حكم المسألة أمسك عن جوابها حتى يعلمه أو يظنه بشرطه (وفيه) أن من الأحكام التي ليست في القرآن ماهو بوحى لا يتلى، وفد يستدل به من يقول من أهل الأصول أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له الاجتهاد وإنما كان يحكم بوحي ولا دلالة فيه، لأنه يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم لم يظهر له بالاجتهاد حكم ذلك أو أن الوحي بدره قبا تمام الاجتهاد والله أعلم اهـ (قلت وفي حديث ابن عباس وأسماء وعائشة) وابن عمر وغيرهم دلالة على لبس الثوب المعصفر وهو المصبوغ بالعصفر أنه ليس من الطيب (قال ابن قدامة) ولا بأس باستع ماله وشمه ولبس ما صبغ به، وهذا قول جابر وابن عمر وعبد الله ابن جعفر وعقيل بن أبي طالب وهو مذهب (الشافعى يعني والأمام أحمد) قال وعن عائشة وأسماء أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنهن كن يحرمن في المعصفرات (وكرهه مالك) إذا كان ينتفض في بدنه ولم يوجب فيه فدية (ومنع منه الثوري وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن) وشبهوه بالمورس والزعفرنه طيب الرائحة فأشبهه ذلك، قال ونا ما روى أبو داود بأسناده عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفر من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب من معصفر أو خز أو حلى أو سراويل أو قميص أو خف، ـ وروى الأمام أحمد في المناسك (اسم كتاب للأمام أحمد) بأسناده عن عائشة بنت سعد، قال كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تحرم في المعصفرات، ولأنه قول من سمينا من الصحابة، ولم نعرف لهم مخالفًا، ولأنه ليس يطيب فلم يكره ما صبغ به كالسواد والمصبوغ بالمغرة، وأما الورس والزعفران فإنه طيب بخلاف مسألتنا اهـ (وقال النووى) رحمه الله ولا يحرم المعصفر عند مالك والشافعى وحرمه الثوري وأبو حنيفة وجعلاه طيبًا وأوجبا في هـ الفدية، قال ويكره للمحرم لبس الثوب المصبوغ بغير طيب ولا يحرم والله أعلم اهـ (وفي حديث ابن عمر) المذكور آخر أحاديث الباب دلالة على جواز تلأدّهان بالزيت الذي لم يخلط بشيء من الطيب، وقد قال ابن المنذر إنه أجمع العلماء عل أنه يجوز للمحرم أن يأكل الزيت والشحم والسمن والشيرج وأن يستعمل ذلك في جميع بدنه سوى رأسه ولحيته، قال وأجمعوا على أن الطيب لايجوز استعماله في بدنه وفرقوا بين الطيب والزيت في هذا (وقد جاء في شم الريحان) للمحرم آثار عن بعض الصحابة ذكرت في الزوائد (منها عدم الجواز) وهو مروى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وبه قال الشافعية (ومنها الكراهة) وهو مروى عن ابن عمر رضي الله عنهما، وبه قال المالكية والحنفية (ومنها الأباحة) وهو مروى عن ابن عباس وبه قال

الصفحة 206