كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[كلام العلماء في الحجامة للمحرم والتداوى بأى نوع كان إذا كان مريضا]-
.....
__________
إن شئت كحلتك بصبر فأبيت (وعن عكرمة عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال المحرم يشم الريحان. ويدخل الحمام. وينزع ضرسه. ويفقأ القرحة، وإذا انكسر ظفره أماط عنه الأذى (وقال الشافعى رحمه الله) أنبأ ابن أبي يحيى أن الزبير بن العوام أمر بوسخ في ظهره فحك وهو محرم (وعن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله) أنه قال في حك المحرم رأسه قال ببطن أنامله (وعن أبي مجاز) قال رأيت ابن عمر يحك رأسه وهو محرم ففطنت له فاذا هو يحك بأطراف أنامله (وعن علقمة بن أبي علقمة) عن أمه أنها سمعت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم تُسأل عن المحرم أيحك جسده فقالت نعم فليحك وليشدد، وقالت عائشة رضي الله عنها لو ربطت يدي ولم أجد إلا أن أحك برجلى لحككت (لك) روى هذه الآثار جميعها البيهقى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها الحجامة للمحرم) قال النووى أجمع العلماء على جوازها له في الرأس وغيره إذا كان له عذر في ذلك وإن قطع الشعر حينئذ، لكن عليه الفدية لقطع الشعر، فإن لم يقطع فلا فدية عليه، ودليل المسألة قوله تعالى {فمن كان منكم مريضًا أو به أذى من رأسه ففدية الآية} وحديث الحجامة محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس لأنه لا ينفك عن قطع شعر، أما إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة فتضمنت قطع شعر فهي حرام لتحريم قطع الشعر، وإن لم تتضمن ذلك بأن كانت في موضع لا شعر فيه فهي جائزة عندنا وعند الجمهور ولا فدية فيها (وعن ابن عمر ومالك) كراهتها، وعن الحسن البصري فيها الفدية، دليلنا أن إخراج الدم ليس حرامًا في الأحرام (وفي هذا الحديث) "يعني حديث الحجامة" بيان قاعدة من مسائل الأحرام وهي أن الحلق واللباس وقتل الصيد ونحو ذلك من المحرمات يباح للحاجة وعليه الفدية، كمن احتاج إلى حلق أو لباس لمرض أو حر أو برد أو قتل صيد للحاجة وغير ذلك والله أعلم اهـ (وقال الداودي) إذا أمكن مسك المحاجم بغير حلق لم يجز الحلق (واستدل بهذا الحديث) "أي حديث الحجامة" على جواز الفصد ورط الجرح والدمل وقطع العرق وقلع الضرس وغير ذلك من وجوه التداوي إذا لم يكن فيذلك ارتكاب ما نهى المحرم عنه من تناول الطيب وقطع الشعر ولا فدية عليه في شيء من ذلك اهـ (وفيه مشروعية التداوي) واستعمال الطب والتداوي بالحجامة وقد ورد إن أنفع ما تداويتم به الحجامة والقسط البحرى (قال في القاموس) القسط بالضم (يعني ضم القاف) عود هندي وعربي مدرّ للكبد جدًا والمغص والدود وحمى الرّبع شربا، وللزكام والنزلات والوباء بخورًا، وللبهق والكلف طلاء اهـ، وورد أن كان الشفاء في شيء ففي شرطة محجم، أو شربة عسل أو كي بنار؛ وأنهى أمتي عن الكي، رواهما الأمام أحمد وغيره وسيأتيان في كتاب الطب عن شاء الله (ومنها جواز الكحل للمحرم) بقصد التداوى لا لزينة (قال النووي)

الصفحة 212