كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[مذاهب العلماء في الكحل للمحرم وغسله رأسه أو بدنه من الجنابة]-
.....
__________
(اتفق العلماء (على جواز تضميد العين وغيرها بالصبر ونحوه مما ليس بطيب ولا فدية في ذلك، فإن احتاج إلى مافيه طيب جاز له فعله وعليه الفدية (واتفق العلماء) على أن للمحرم أن يكتحل بكحل لا طيب فيه إذا اختاج إليه ولا فدية عليه فيخ، وأما الاكتحال للزينة فمكروه (عند الشافعى وآخرون، ومنعه جماعة منهم أحمد واسحاق، وفي مذهب مالك) قولان كالمذهبين، وفي إيجاب الفدية عندهم خلاف والله أعلم اهـ (ومنها جواز غسل المحرم رأسه) وتشريبه شعره بالماء ودلكه بيده إذا أمن تناثره، وهو مستفاد من حديث عبد الله بن حنين عن أبي أيوب، وهو الأخير من أحاديث الباب، وقد اتفق العلماء على غسل المحرم رأسه وجسده من الجنابة بل هو واجب عليه، وأما غسله تبردا فمذهب الجمهور جوازه بلا كراهة (واختلفوا في غسل المحرم رأسه) فذهب الأئمة أبو حنيفة والشافعي وأحمد واسحاق والثوري والأوزاعي إلى أنه لابأس بذلك، وردت الرخصة به عن عمر ابن الخطاب وابن عباس وجابر رضي الله عنهم وعليه الجمهور وحجتهم حديث الباب (وكان مالك) يكره ذلك للمحرم، وذكر أن عبد الله بن عمر كان لا يغسل رأسه الا من الاحتلام، ويجوز غسل الرأس بالسدر والخطمى عند الشافعية ورواية للحنابلة مع الكراهة بحيث لا ينتف شعرا ولا فدية عليه (وذهب الأئمة أبو حنيفة ومالك وأحمد) إلى التحريم ولزوم الفدية، قال صاحبا أبي حنيفة عليه صدقة، لأن الخطمى تستلذ رائحته وتزيل الشعث وتقتل الهوام فوجبت به الفدية كالورس (وفي حديث عبد الله بن حنين) عن أبي أيوب جملة فوائد (منها) مناظرة الصحابة في الأحكام ورجوعهم إلى النصوص عند الاختلاف وترك الاجتهاد والقياس عند وجود النص (ومنها قبول خبر الواحد) وأن قبوله كان مشهورًا عند الصحابة رضي الله عنهم (قال ابن عبد البر) لو كان معنى الاقتداء في قوله صلى الله عليه وسلم "أصحابي كالنجوم بأبهم اقتديتم اهتديتم" يراد به الفتوى لما احتاج ابن عباس رضي الله عنه إلى اقامة البينة على دعواه؛ بل كان يقول للمسور أنا نجم وأنت نجم فباينا اقتدى من بعدنا كفاه، ولكن معناه كما قال المزنى وغيره من أهل النظر أنه في النقل لأن جميعهم عدول (ومنها) الاعتراف للفاضل بفضله وانصاف الصحابة بعضهم من بعض (ومنها) أن الصحابة اذا اختلفوا في قضية لم تكن الحجة في قول أحد منهم الا بدليل يجب التسليم له من كتاب أو سنة كما أتى أبو أيوب بالسنة (ومنها) جواز السلام على المتطهر في وضوء وغسل بخلاف الجالس على الحدث ولابد من غض البصر (ومنها) جواز الاستعانة في الطهارة ولكن الأولى تركها إلا لحاجة (ومنها) ستر المغتسل بثوب ونحوه ع ند الغسل، وفيه غير ذلك والله أعلم

الصفحة 213