كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[قصة أبي بكر رضي الله عنه مع غلامه الذي أضل البعير]-
رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وزمالة أبى بكرٍ واحدة مع غلام أبى بكرٍ فجلس أبو بكر ينتظره أن يطلع عليه فطلع وليس معه بعير، فقال أين بعيرك؟ قال قد أضللته البارحة فقال أبو بكر بعير واحد تضلُّه؟ فطفق يضربه ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يتبسَّم ويقول انظروا إلى هذا المحرم وما يصنع
__________
مركوبهما وأداتهما وما كان معهما في السفر واحد, الزاملة البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع كأنها فاعلة من الزمل بسكون الميم أى الحمل (1) أى ضيعته أو وجدته ضالا أى ضائعًا، يقال أضللت الشيء إذا وجدته ضالَا كأحمدته وابخلته إذا وجدته محمودا أو بخيلًا (2) أى تضيعه (وقوله فطفق يضربه) أي أخذ يضربه، لأن فق بمعنى أخذ في الفعل وجعل يفعلن وهي من أفعال المقاربة (3) إنما تبسم صلى الله عليه وسلم لفعل أبي بكر ولم ينهه عنه لأن تأديب المحرم علامه غير محظور. لكن العفو أفضل، وقد علم صلى الله عليه وسلم أن ما حمل أبا بكر رضي الله عنه على ترك الأفضل إلا شدة الغيظ من الغلام لفقد بعيرهما فتبسم صلى الله عليه وسلم لذلك وذكره بقوله انظروا إلى هذا المحرم ومايصنع يريد أنه لا ينبغي للمحرم أن يفعل ذلك والله أعلم (4) زاد أبو داود من رواية ابن أبى رزمة فما ييد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يقول انظروا إلى هذا المحرم مايصنع وبتبسم (تخريجه) (د. هق) ورجاله ثقات إلا أن محمد بن اسحاق عن وهو مدلس (زوائد الباب) (عن عبد الله بن عياش ابن ربيعة) قال صحبت عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحج فما رأيته مضطربًا فسطاطا حتى رجع، قال الشافعى وأظنه قال في حديقه أو غيره كان ينزل تحت الشجرة ويستظل بنطع أو بكساء والشيء (وعن عبد الله بن عامكر بن ربيعة) قال رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان (وعن القاسم بن محمد) قال أخبرني الفرافصة بن عمير أنه رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه مغطيًا وجهه وهو محرم (وعن عبد الرحمن بن القاسم) عن أبيه أن عثمان وزيد بن ثابت ومروان بن الحكم كانوا يخمرون وجوههم وهم حرم (وعن أبى زبير) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال يغتسل المحرم ويغسل ثيابه ويغطى أنفه من الغبار وهو نائم (قال البيهقى) وخالفهم ابن عمر، روى هذه الآثار جميعها البيهقى (الأحكام) أحاديث الباب تشتمل على جملة أحكام (منها) جواز تظليل المحرم على رأسه بثوب أو نحوه سواء أكان راكبًا أو نازًلا واليه ذهب الأمامان (أبو حنيفة والشافعى والجمهور) محتجين بحديثي أم الحصين وأبي أمامة

الصفحة 216