كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[جواز ستر وجه المرأة المحرمة لحاجة - وتأديب المحرم خادمه]-
.....
__________
ابن قدامة) اذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها فانها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها، روى ذلك عن عثمان وعائشة، وبه قال عطاء (ومالك والثوري والشافعى) واسحاق ومحمد بن الحسن (قلت والأمام أحمد) قال ولا نعلم فيه خلافًا، وذلك لما روى عن عائشة رضي الله عنها قالت كان الركبان يمرون بنا فذكر حديث الباب، قال ولان بالمرأة حاجة إلى ستر وجهها فلم يحرم ستره على الأطلاق كالعورة، قال وذكر القاضي أن الثوب يكون متجافيًا عن وجهها بحيث لا يصيب البرة فإن أصابها ثم زال أو أزالته بسرعة فلا شيء عليها كما لو أطارت الريح الثوب عن عورة المصلي ثم عاد بسرعة لا تبطلن فإن لمك ترفعه مع القدرة افتدت لانها استدامت الستر، ولم ار هذا الشرط عن أحد ولا هو في الخبر مع أن الظاهر خلافه، فإن الثوب المسدول لايكاد يسلم من اصابة البشرة فلو كان هذا شرط البين، وانما منعت المرأة من البرقع والنقاب ونحوهما مما يعد لستر الوجه، فال أحمد انما لها أن تسدل على وجهها من فوق وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل كأنه يقول إن النقاب من أسفل على وجهها (قال) ويجتمع في حق المحرمة وجوب تغطية الرأس وتحريم تغطية الوجه، ولا يمكن تغطية جميع الرأس إلا بجزء من الوجه، ولاكشف جميع الوجه إلا بكشف جزء من الرأس، فعند ذلك ستر الرأس كله أولى، لأنه آكد، إذ هو عورة لا يختص بتحريمه حالة الأحرام، وكشف الوجه بخلافه، وقد ابحنا ستر جملته للحاجة العارضة فستر جزء منه لستر العورة أولى اهـ (ومن أحكام الباب أيضًا) جواز تأديب المحرم علامه بضرب أو نحوه إن كان في العفو أو تأخير العقوبة فوات مصلحة أو ضرر، وإلا فالأفضل العفو أو تأخير العقوبة حتى تنتهي مدة الأحرام، لأنه يستحب للمحرم قلة الكلام إلا فيما ينفع، نعم إن التأديب من الأمور النافعة إلا أنه في العادة يكون مصحوبا بغضب، فصيانة للمؤدب عن الوقوع في السب والجدال استحب تأخيره لقوله تعالى {ولا جدال في الحج} وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، وفي لفظ أو ليسكت" رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم (وروى عن ابن عمر) رضي الله عنهما مرفوعًا من كثر كلامه كثر سقطه. ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه. ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به، رواه الطبراني في الأوسط، وهذا وارد في حق المحرم وغيره فيكون في حال الأحرام أشد وآكد لأنه حال عبادة واستشعار بطاعة فهو يشبه الاعتكاف (قال ابن قدامة المقدسى) رحمه الله في الشرح الكبير وقد احتج أحمد رحمه الله على ذلك بأن شريحًا رحمه الله كان إذا أحرم كأنه حبة صماء، فيستحب للمحرم أن يشتغل بالتلبية وذكر الله تعالى وقراءة القرآن وأمر بالمعروف أو نهي عن منكر أو تعليم جاهل أو يأمر بحاجته أو يسكت، فإن تكلم بما

الصفحة 218