كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)
-[اختلاف العلماء في نوع الكفارة وقدرها - وهل هي على الترتيب أو التخيير]-
.....
__________
فهو مخير بين الصيام والأطعام (واتفق العلماء) على القول بظاهر هذا الحديث إلا ما حكى (عن أبي حنيفة والثورى) أن نصف الصاع لكل مسكين إنما هو في الحنطة، فأم التمر والشعير وغيرهما فيجب صاع لكل مسكين، وهذا خلاف نصه صلى الله عليه وسلم ف يهذا الحديث ثلاثة آصع من تمر (وعن أحمد بن حنبل) رواية أنه لكل مسكين مد من حنظة أو نصف صاع من غيره (وعن الحسن البصرى) وبعض السلف أنه يجب إطعام عشرة مساكين أو صوم عشرة أيام، وهذا ضعيف منابذ للسنة مردود اهـ (وقال الحافظ) في قوله صلى الله عليه وسلم في الطريق السادسة "أتقدر على نسك؟ قلت لا، قال نعم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين" هذه الرواية تقتضى أن التخيير نما هو بين الأطعام والصيام لمن لم يجد النسك، قال ونحو هذه الرواية للطبراني من طريق عطاء عن كعب؛ ووافقهم أبو الزبير عن مجاهد عند الطبراني وزاد بعد قوله ما أجد هديا. قال فأطعم. قال ما أجد. قاتل صم، ولهذا قال أبو عوانة في صحيحه فيه دليل على أن من وجد نسكالا يصوم يعني ولا يطعم، لكن لا أعرف من قال بذلك من العلماء إلا مارواه الطبري وغيره عن سعيد بن جبير قال" النسك شاة فإن لم يجد قومت الشاة دراهم والدراهم طعامًا فتصدق به أو صام لكل نصف صاع يومًا" أخرجه من طريق الأعمش عنه، قال فذكرته لابراهيم فقال سمعت علقمة مثله، فحينئذ يحتاج إلى الجمع بين الروايتين، وقد جمع بينهما بأوجه (منها ماقال ابن عبد البر) إن فيه الإشارة إلى ترجيح الترتيب لا لأيجابه (ومنها ماقاله النووى) ليس المراد أن الصيام أو الأطعام لا يجزاء إلا لفاقد الهدى فذكر وقل النووى المتقدم، ومقتضاه التخيير بين الأنواع الثلاثة، ثم قال (ومنها ماقل غيرهما) "يعني غير النوى وابن عبد البر" يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن له في حلق رأسه بسبب الأذى أفتاه بأن يكفر بالذبح على سبيل الاجتهاد منه صلى الله عليه وسلم أو بوحى غير ملتوّ، فلما أعلمه أنه لا يجد نزلت الآية بالتخيير بين الذبح والأطعام والصيام فخيره حينئذ بين الصيام والأطعام لعلمه بأنه لا ذبح معه، فصام لكونه لم يكن معه مايطعمه ويوضح ذلك رواية مسلم (قلت والأمام أحمد أيضًا في الطريق الخامسة) في حديث عبد الله بن معقل المذكور حيث قال أتجد شاة؟ قلت لا، فنزلت هذه الآية ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) فقال صم ثلاثة أيام أو أطعم، وفي رواية عطاء الخراساني قال صم ثلاثة أيام أو أطعن ستة مساكين، قال وكان قد علم أنه ليس عندي ما أنسك به ونحوه، وفي رواية محمد بن كعب القرظى عن كعب وسياق الآية يشعر بتقديم الصيام على غيره وليس ذلك لكونه أفضل في هذا المقام من غيره، بل السر فيه أن الصحابة الذين خوطبوا شفاها بذلك كان أكثرهم يقدر على الصيام أكثر مما يقدر على الذبح والأطعام، وعرف من رواية
الصفحة 224
280