كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[اختلاف المذاهب فى صحة نكاح المحرم والجواب عن حديث ابن عباس]-
.....
__________
وهو محرم ففرق بينهما زيد بن ثابت، روى هذه الآثار الأربعة البيهقي، ثم قال وروينا في ذلك عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (وعن قدامة بن موسى) قال تزوجت وأنا محرم فسألت سعيد بن المسيب فقال يفرق بينهما "هق" (وعن سعيد بن المسيب) أن رجلا تزوج وهو محرم فأجمع أهل المدينة على أن يفرق بينهما "هق" (وعن مالك بن أنس) رحمه الله أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار سئلوا عن نكاح المرحم فقالوا لا ينكح المحرم ولا ينكح (لك) (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على عدم جواز نكاح المحرم أو إنكاح غيره، وعلى عدم واز الخطبة أيضا إلا ما رواه ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم فإنه يعارض أحاديث الباب، لكن قال سعيد بن المسيب وهم ابن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم، رواه أبو داود وقد اختلف العلماء بسبب ذلك في نكاح المحرم (قال النووي رحمه الله) فقال (مالك والشافعي وأحمد) وجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم لا يصح نكاح المحرم، واعتمدوا أحاديث الباب (وقال أبو حنيفة) والكوفيون يصح نكاحه لحديث قصة ميمونة وأجاب الجمهور عن حديث ميمونة بأجوبة، أصحها أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تزوجها حلالا، هكذا رواه أكثر الصحابة (قال القاضي) وغيره ولم يرو أنه تزوجها محرما إلا ابن عباس وحده، وروت ميمونة وأبو رافع وغيرهما أنه تزوجها حلالا، وهم أعرف بالقضية لتعلقهم به، بخلاف ابن عباس لأنهم أضبط من ابن عباس وأكثر (الجواب الثاني) تأويل حديث ابن عباس على أنه تزوجها في الحرم وهو حلال، ويقال لمن هو في الحرم محرم وإن كان حلالا، وهي لغة شائعة معروفة، ومنه البيت المشهور *قتلوا ابن عفان الخليفة محرما* أي في حرم المدينة (والثالث) أنه تعارض القول والفعل، والصحيح حينئذ عند الأصوليين ترجيح القول لأنه يتعدى إلى الغير، والفعل وق يكون مقصورا عليه (والرابع) جواب جماعة من أصحابنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يتزوج في حال الأحرام وهو مما خص به دون الأمة، وهو أصح الوجهين عند أصحابنا (والوجه الثاني) أنه حرام في حقه كغيره وليس من الخصائص، وأما قوله صلى الله عليه وسلم ولا ينكح- فمعناه لا يزوج امرأة بولاية ولا وكالة (قال العلماء) سببه أنه لما منع في مدة الأحرام من العقد لنفسه صار كالمرأة فلا يعقد لنفسه ولا لغيره؛ وظاهر هذا العموم أنه لا فرق بين أن يزوج بولاية خاصة كالأب والأخ والعم ونحوهم أو بولاية عامة وهو السلطان والقاضي ونائبه، وهذا هو الصحيح عندنا، وبه قال جمهور أصحابنا. وقال بعض أصحابنا يجوز أن يزوج المحرم بالولاية العامة لأنها يستفاد بها ما لا يستفاد بالخاصة ولهذا يجوز للمسلم تزويج الذمية بالولاية العامة دون الخاصة، واعلم أن النهي عن النكاح

الصفحة 231