كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)
-[كلام العلماء في حكم الزواج والخطبة والرجعة للمحرم والجمع بين حديث ابن عباس وأحاديث الباب]-
.....
__________
والأنكاح في حال الأحرام نهي تحريم، فلو عقد لم ينعقد سواء كان المحرم هو الزوج والزوجة، أو العاقد لهما بولاية أو ووكالة فالنكاح باطل في كل ذلك، حتى لو كان الزوجان والولي مسلمين ووكل الولي أو الزوج محرما في العقد لم ينعقد "وأما قوله صلى الله عليه وسلم ولا يخطب" فهو نهي تنزيه لي بحرام وكذلك يكره للمحرم أن يكون شاهدا في نكاح عقده المحلون (وقال بعض أصحابنا) لا ينعقد بشهادته لأن الشاهد ركن في عقد النكاح كالولي، والصحيح الذي عليه الجمهور انعقاده اهـ (قال الحافظ) في الإصابة وقد انتشر الاختلاف في هذا الحكم بين الفقهاء، ومنهم من جمع في هذا الحكم بين الفقهاء، ومنهم من جمع بأنه عقد عليهما وهو محرم وبنى بها بعد أن أحل من عمرته بالتنعيم وهو حلال في الحل، وذلك بين من سياق القصة عند ابن إسحاق، وقيل عقد له عليها قبل أن يحرم وانتشر أمر تزويجها بعد أن أحرم فاشتبه الأمر اهـ (قلت) وهذا الجمع وجيه، وعليه فيقال إن ابن عباس لم يعلم بالعقد إلا بعد انتشاره، والنبي صلى الله عليه وسلم محرم بسرف ففهم أن العقد لم يحصل إلا في المكان الذي يقال له سرف، ولهذا قال في روايته أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث بماء يقال له سرف وهو محرم، وتقدم أن هذا الماء أقرب إلى مكة من المدينة وميقات أهل المدينة أقرب إلى المدينة من مكة، فثبت أنه كان محرما ما يسرف ولم يبلغ ابن عباس خير الزواج إلا بهذا المكان ففهم أنه حصل حينئذ، والظاهر أن ابن عباس رضي الله عنهما رجع عن ذلك، فقد روى الطبراني بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال وتقدم في الزوائد، وفي الحديث بعده في الزوائد عن ابن عباس أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزوج أو يزوج أو ينحر حتى يفرغ من إحرامه، رواه الطبراني أيضا والله أعلم (أما مراجعة المطلقة رجعيا) في العدة فغير محظورة على المحرم (قال الأمام مالك) رحمه الله في الموطأ في الرجل المحرم أنه يراجع امرأته إن شاء إن كانت في عدة منه، أي لأن الرجعة ليست بنكاح فلم تدخل في الحديث، فأما إن خرجت من عدتها فلا يعيدها لأنه نكاح فدخل فيه (قال أبو عمر) لا خلاف في ذلك بين أئمة الفتوى بالأمصار لأن المراجعة لا تحتاج إلى وليّ ولا صداق (قال الباحي) وعن أحمد منعه من الرجعة والله أعلم.
(تتمة في حكم من جامع أو قبَّل أو لمس بشهوة وهو محرم)
اعلم هداني الله وإياك لما يحب ويرضى أن غشيان النساء أو تقبيلهن أو لمسهن بشهوة أو التعريض لهن بذكر الجماع ونحوه كل ذلك حرام في حال الأحرام، والأصل في ذلك قول الله عز وجل "فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" وقد فسر الرفث بالجماع كما قال تعالى {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} روى الحافظ
الصفحة 232
280