كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[مذاهب الأئمة في حكم الوطء فيما دون الفرج - وما يفعل من قبَّل أو لمس بشهوة]-
.....
__________
أو مباشرة لا توجب الاغتسال أشبهت اللمس وعليه شاة، وقال الحسن فيمن ضرب بيده على فرج جاريته عليه بدنة (وعن سعيد بن جبير) إذ نال منها ما دون الجماع ذبح بقرة (قال ابن قدامة) ولنا أنها ملامسة من غير إنزال فأشبهت لمس غير الفرج "فأما إن أنزل" فعليه بدنة، وبذلك قال الحسن. وسعيد بن جبير. والثوري. وأبو ثور (وقال الشافعي) وأصحاب الرأي وابن المنذر عليه شاة لأنها مباشرة دون الفرج فأشبه لو لم ينزل (قال ابن قدامة) ولنا أنه جماع أوجب الغسل فأوجب بدنة كالوطء في الفرج، وفي فساد حجه بذلك روايتان (إحداهما) يفسد اختارها الخرقي وأبو بكر وهو قول عطاء. والحسن. والقاسم ابن محمد (ومالك وإسحاق) لأنها عبادة يفسدها الوطء فأفسدها الأنزال عن مباشرة كالصيام (والثانية) لا يفسد الحج وهو قول (الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر) وهي الصحيحة إن شاء الله، لأنه استمتاع لا يجب بنوعه الحد فلم يفسد الحج كما لو لم ينزل ولأنه لا نص فيه ولا إجماع ولا هو في معنى المنصوص عليه، لأن الوطء في الفرج يجب بنوعه الحد ويتعلق به إثنا عشر حكما ولا يفترق فيه الحال بين الأنزال وعدمه؛ والصيام يخالف الحج في المفسدات، ولذلك يفسد بتكرار النظر مع الأنزال والمذي وسائر محظوراته، والحج لا يفسد بشيء من محظوراته غير الجماع فافترقا؛ والمرأة كالرجل في هذا إذا كانت ذات شهوة، وإلا فلا شيء عليها كالرجل إذا لم يكن له شهوة اهـ "وأما إذا قبلها" بشهوة فهو كالوطء فيما دون الفرج من غير إنزال، فلا يفسد الحج وتجب شاة، وبه قال ابن المسيب وعطاء. وابن سيرين. والزهري. وقتادة. والأئمة (الشافعي ومالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبو حنيفة وأبو ثور) وقال ابن المنذر روينا ذلك عن ابن عباس وروينا عنه أنه يفسد حجه (وعن عطاء) رواية أنه يستغفر الله تعالى ولا شيء عليه (وعن سعيد بن جبير) أربع روايات (إحداها) كقول ابن المسيب ومن وافقه (والثانية) عليه بقرة (والثالثة) يفسد حجه (والرابعة) لا شيء عليه بل يستغفر الله (ولو ردد النظر إلى زوجته حتى أمنى) لم يفسد حجه ولا فدية عليه عند الأئمة (أبي حنيفة والشافعي وأبي ثور) (وقال الحسن البصري ومالك) يفسد حجه وعليه الهدي، وقال عطاء عليه الحج من قابل وعن ابن عباس روايتان (إحداهما) عليه بدنة، والثانية دم، وقال سعيد بن جبير والإمام أحمد وإسحاق عليه دم (قال النووي) في شرح المهذب (وأما اللمس بغير شهوة) فليس بحرام بلا خلاف، وأما قول الغزالي في الوسيط والوجيز تحرم كل مباشرة تنقض الوضوء فغلطوه فيه، واتفقوا على أنه سهو وليس وجها، وسبب التغليظ أنه قال مباشرة تنقض الوضوء فتدخل فيه المباشرة بغير شهوة وليست محرمة بلا خلاف. والله سبحانه وتعالى أعلم.

الصفحة 236