كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[مذاهب الأئمة فى الحج عن الضعيف والميت الذى لا يقوى على السفر]-
__
__________
الحافظ الهيثمي عدا الحديث الأول وتكلم عليها جرحا وتعديلا (الأحكام) احاديث الباب تدل على انه يجوز الحج من الولد عن والده إذا كان غير قادر على الحج لكبر سنه وضعفه وعدم تحمل مشاق السفر أو كان قد مات ولم يحج حجة الأسلام فللولد أن يحج عن أبيه وإن لم يوص الوالد بذلك، والمراد بالولد هنا الجنس سواء أكان ذكرا أم أنثى (وذهب بعض أهل العلم) الى عدم جواز حج المرأة عن الرجل، قالوا لأن المرأة تلبس فى الأحرام ما لا يلبسه الرجل فلا يحج عنه إلا رجل مثله، وقول النبى صلى الله عليه وسلم للخثعمية فى أحاديث الباب حجى عن أبيك يردّ هذا القول، (وذهب جماعة) الى أن هذه القصة مختصة بالخثعمية كما اختص سالم مولى أبى حذيفة بجواز إرضاع الكبير، حكاه ابن عبد البر، وتعقب بأن الأصل عدم الخصوص، وأما ما رواه عبد الملك بن حبيب صاحب الواضحة بأسنادين مرسلين فى هذا الحديث فزاد حجى عنه وليس لأحد بعده، فلا حجة فى ذلك لضعف اسنادهما مع الأرسال (وذهب جماعة) إلى أن ذلك خاص بالابن ولا يصح من غيره، والظاهر عدم اختصاص ذلك بالابن لحديث ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة قال من شبرمة؟ قال أخ لى أو قريب لى، قال حججت عن نفسك؟ قال لا، قال حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة، رواه أبو داود وابن ماجه، وقال فاجعل هذه عن نفسك ثم احجج عن شبرمة، ورواه الدارقطنى أيضا وفيه قال هذه عنك وحج عن شبرمة، وأخرجه أيضا ابن حبان وصححه، والبيهقى وقال اسناده صحيح اهـ (وقال الخطابى) فى الكلام على حديث الخثعمية (فيه) بيان جواز حج الأنسان عن غيره حيا وميتا، وأنه ليس كالصلاة والصيام وسائر الأعمال البدنية التى لا تجزاء فيها النيابة (والى هذا ذهب الشافعى) وكان مالك لا يرى ذلك وقال لا يجزئه ان فعل، وهو الذى روى حديث ابن عباس، وكان يقول فى الحج عن الميت إن لم يوص به الميت- إن تصدق عنه وأعتق أحب إلى من أن يحج عنه، (وكان ابراهيم النخعى وابن أبى ذئب) يقولان لا يحج أحد عن أحد والحديث حجة على جماعتهم، قال وفيه دلالة على أن فرض الحج يلزم من استفاد مالا فى حال كبره وزمانته إذا كان قادرا به على أن يأمر غيره فيحج عنه كما لو قدر على ذلك بنفسه، وقد يتأول بعضهم قولها "ان فريضة الله أدركت أبى شيخا" فقال معناه أنه أسلم وهو شيخ كبير، وحكى عن (مالك وعن أبى حنيفة) أنهما قالا الزّمن لا يلزمه فرض الحج إلا أن أبا حنيفة قال إن لزمه الفرض فى حال الصحة ثم زمن لم يسقط عنه بالزمانة (وقال مالك) يسقط، واستدل الشافعى بخبر الخثعمية على وجوب الحج على المعضوب الزمن إذا وجد من يبذل له طاعته من ولده وولد ولده، ووجه ما استدل به من هذا الحديث أنها ذكرت وجوب فرض الحج

الصفحة 27