كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[حجة القائلين بجواز حج الصغير والأثابة عليه]-
(4) باب ما جاء فى صحة حج الصبى والعبد من غير إيجاب له عليهما
(27) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال كان النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم بالرَّوحاء فلقى ركبًا فسلَّم عليهم فقال من القوم؟ قالوا المسلمون، قالوا فمن أنتم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ففزعت امرأةٌ فأخذت بعضد صبىٍّ فأخرجته من محفَّتها فقالت يا رسول الله هل لهذا حجٌّ؟ قال نعم ولك أجرٌ
__________
(27) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن ابراهيم عن عقبة عن كريب عن ابن عباس- الحديث" (غريبه) (1) الروحاء مكان على ستة وثلاثين ميلا من المدينة "وقوله فلقى ركبا" قال القاضى عياض يحتمل أن هذا اللقاء كان ليلا فلم يعرفوه صلى الله عليه وسلم، ويحتمل كونه نهارا لكنهم لم يروه صلى الله عليه وسلم قبل ذلك لعدم هجرتهم فأسلموا فى بلدانهم ولم يهاجروا قبل ذلك اهـ. وكان ذلك اللقاء حين رجوعه صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة بعد الحج، ففى رواية النسائى عن ابن عباس قال صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان بالروحاء- الحديث" وفى زاد المعاد للحافظ ابن القيم "ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة، فلما كان بالروحاء لقى ركبا الخ" (والركب) بفتح الراء وسكون الكاف جمع راكب وهم العشرة فما فوقها من أصحاب الأبل فى السفر دون بقية الدواب ثم اتسع فيه فأطلق على كل من ركب دابة (2) معناه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال مستفهما من القوم؟ فقال القوم نحن المسلمون، ثم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه فمن أنتم؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر لمبتدأ محذوف (3) أى خافت فوت الجواب وبادرت فأخذت بعضد صبى أى بساعده وهو من المرفق إلى الكتف (4) بكسر الميم وتشديد الفاء، مركب من مراكب النساء كالهودج إلا أنها ليس لها قبة كقبة الهودج (5) قال الخطابى إنما كان له الحج من ناحية الفضيلة دون أن يكون محسوبا عن فرضه لو بقى حتى بلغ ويدرك مدرك الرجل؛ وهذا كالصلاة يؤمر بها إذا أطاقها وهى غير واجبة عليه وجوب فرض، ولكن يكتب له أجرها تفضلا من الله سبحانه وتعالى؛ ويكتب لمن يأمره بها ويرشده اليها أحر، فاذا كان له حج فقد علم أن من سننه أن يوقف به فى المواقف ويطاف به حول البيت محمولا إن لم يطق المشى، وكذلك السعى بين الصفا والمروة ونحوها من أعمال الحج، وفى معناه المجنون إذا كان مأيوسا من إفاقته، وفى ذلك دليل على أن حجه إذا فسد ودخله نقص فان جبرانه واجب عليه كالكبير وإن اصطاد صيدا لزمه الفداء كما يلزم الكبير (تخريجه) (م. د. نس)

الصفحة 29