كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[زوائد الباب - ومذاهب العلماء فى حكم حج الصبى]-
__
__________
يسم (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما قال كنا نحج بصبياننا فمن استطاع منهم رمى ومن لم يستطع رمى عنه، أورده صاحب المهذب (وعن عبد الله بن أبى يزيد) قال سمعت ابن عباس رضى الله عنهما يقول بعثنى أو قدَّ منى النبى صلى الله عليه وسلم فى الثَّقل من جمع بليل، رواه البخارى- الثقل بفتح المثلثة والقاف ويجوز اسكانها أى الأمتعة، ووجه الدلالة منه أن ابن عباس كان دون البلوغ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أنه يصح حج الصبى ولا يجب عليه، أما عدم وجوبه عن الصبى فمجمع عليه (قال ابن المنذر) أجمع أهل العلم على سقوط فرض الحج عن الصبى وعن المجنون والمعتوه؛ قال وأجمعوا على أن المجنون إذا حج ثم أفاق أو الصبى ثم بلغ أنه لا يجزئهما عن حجة الاسلام، قال وأجمعوا على أن جنايات الصبيان لازمة لهم اهـ. وقد ذهب الى صحة حج الصبى الأئمة (مالك والشافعى وأحمد وداود) وجماهير العلماء من السلف والخلف، وأشار ابن المنذر الى الاجماع فيه (وقال ابن بطال) أجمع أئمة الفتوى على سقوط الفرض عن الصبى حتى يبلغ إلا أنه إذا حج كان له تطوعا عند الجمهور (وقال أبو حنيفة) لا يصح احرامه ولا يلزمه شاء من محظورات الأحرام، وإنما يحج على جهة التدريب، وشذ بعضهم فقال إذا حج الصبى أجزأه ذلك عن حجة الأسلام لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم (نعم) فى جواب قولها "ألهذا حج" وقال الطحاوى لا حجة فى قوله صلى الله عليه وسلم نعم على أنه يجزئه عن حجة الاسلام بل فيه حجة على من زعم أنه لا حج له، قال لأن ابن عباس راوى الحديث قال "أيما غلام حج به أهله ثم بلغ فعليه حجة أخرى" ثم ساقه بأسناد صحيح، وقد أخرج هذا الحديث مرفوعا الحاكم وقال على شرطهما. والبيهقى وابن خزيمة وصححه (وقال ابن خزيمة) الصحيح موقوف وأخرجه كذلك (قال البيهقى) تفرد برفعه محمد بن المنهال، ورواه الثورى عن شعبة موقوفا، ولكنه قد تابع محمد بن المنهال على رفعه الحارث بن شريح أخرجه كذلك الاسماعيلى والخطيب، ويؤيد صحة رفعه ما رواه ابن أبى شيبة عن ابن عباس، قال احفظوا عنى ولا تقولوا قال ابن عباس فذكره وهو ظاهر فى الرفع (وقد أخرج ابن عدى) من حديث جابر بلفظ "لو حج صغير حجة لكان عليه حجة أخرى" ومثل هذا حديث محمد بن كعب المذكور فى الزوائد فيؤخذ من مجموع هذه الأحاديث أنه يصح حج الصبى ولا يجزئه عن حجة الاسلام إذا بلغ، وهذا هو الظاهر فتعين المصير اليه جمعا بين الأدلة (قال القاضى عياض) رحمه الله أجمعوا على أنه لا يجزئه أذا بلغ عن فريضة الأسلام إلا فرقة شذت فقالت يجزئه لقوله نعم، وظاهره استقامة كون حج الصبى حجا مطلقا، والحج إذا أطلق تبادر منه اسقاط الواجب، ولكن العلماء ذهبوا الى خلافه محتجين بحديث ابن عباس (يعني

الصفحة 31