كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[مذاهب الأئمة فى سفر المرأة إلى الحج وهل يشترط لها المحرم أم لا؟]-
__
__________
أبي عمران الجونى المذكور فى الباب، وذلك باتفاق العلماء (قال النووى رحمه الله) إذا كان البحر مفرقًا أى مخيفًا أو كان قد اغتلم وماج حرم ركوبه لكل سفر لقول الله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة} ولقوله تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم} هكذا صرح به امام الحرمين والأصحاب قال (ومذهب أبى حنيفة ومالك وأحمد) أنه يجب الحج فى البحر إن غلبت فيه السلامة والا فلا، وهذا هو الصحيح عندنا اهـ (ومن الاستطاعة أيضا) وجود محرم للمرأة يسافر معها، والمحرم من لا يحل له نكاحها من الأقارب كالأب والابن والأخ والعم ومن يجرى مجراهم، وقد استدل بحديث ابن عباس المذكور قبل الحديث الأخير من أحاديث الباب على أن الزوج داخل فى مسمى المحرم أو قائم مقامه، لقول النبى صلى الله عليه وسلم للرجل الذى أرادت امرأته الحج "فارجع فحج معها" (قال الحافظ) وقد أخذ بظاهر الحديث بعض أهل العلم فأوجب على الزوج السفر مع امرأته إذا لم يكن لها غيره، وبه قال (أحمد وهو وجه للشافعى) والمشهور أنه لا يلزمه كالولى فى الحج عن المريض، فلو امتنع إلا بأجرة لزمتها لأنه من سبيلها فصار فى حقها كالمؤنة (واستدل به) على أنه ليس للزوج منع امرأته من حج الفرض (وبه قال أحمد وهو وجه للشافعية) والأصح عندهم أن له منعها لكون الحج على التراخى، وقد روى الدارقطنى عن ابن عمر مرفوعا فى امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها فى الحج ليس لها أن تنطلق إلا بأذن زوجها (وأجيب عنه) بأنه محمول على حج التطوع جمعا بين الحديثين (ونقل ابن المنذر الأجماع) على أن للرجل منع زوجته عن الخروج فى الأسفار كلها، وإنما اختلفوا فيما إذا كان واجبا (وقد استدل ابن حزم) بهذا الحديث على أنه يجوز للمرأة السفر بغير زوج ولا محرم لكونه لم يعب عليها ذلك السفر بعد أن أخبره زوجها (وتعقب) بأنه لو لم يكن ذلك شرطا لما أمر زوجها بالسفر معها وترك الغزو الذى كتب فيه اهـ (واعلم) أنه وردت أحاديث كثيرة فى النهى عن سفر المرأة الا بمحرم فيها اختلاف فى تقدير المسافة التى يحرم قطعها فى السفر بغير محرم، ففى بعضها مسافة ثلاثة أيام، وفى بعضها ثلاثة أيام فصاعدا (وفى رواية) مسافة يومين (وفى رواية) يوم وليلة (وفى أخرى) يوم (وفى رواية ليلة) بل جاء فى رواية لأبى داود لا تسافر بريدا والبريد نصف يوم، وتقدمت هذه الروايات وأشبعنا الكلام عليها فى باب سفر النساء فى الجزء الخامس صحيفة 85 (قال العلماء) اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين واختلاف المواطن وليس فى النهى عن الثلاثة تصريح بأباحة اليوم والليلة أو البريد (قال البيهقى) كأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثا بغير محرم فقال لا، وسئل عن سفرها يومين بغير محرم فقال لا، وسئل عن سفرها يوما فقال لا، وكذلك البريد فأدى كل منهم ما سمعه،

الصفحة 43