كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[مذاهب العلماء فى حكم المشى إلى الحج - وتفسير الصرورة]-
(6) باب التغليظ فى ترك الحج للمستطيع
(36) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أنََّه كان يقول لا صرورة في الإسلام
__________
ومروءته وخيانته ونحو ذلك والله أعلم (وفى حديث ابن عباس) المذكور فى آخر الزوائد والآثار المذكورة بعده دلالة على استحباب المشى لمن قدر على الحج راكبا وماشيا، وبه قال (داود الظاهرى) واحتج أيضا بما فى حديث عائشة عند البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لها "ولكنها على قدر نفقتك أو نصبك" وفى رواية أخرى صحيحة "على قدر عنائك ونصبك" (وذهب جمهور العلماء) إلى أن الحج راكبا أفضل، لأنه صلى الله عليه وسلم حج راكبا ولأنه أعون على المناسك والدعاء وسائر عباداته فى طريقه وأنشط له (فان قيل) إن حجه صلى الله عليه وسلم راكبًا كان لبيان الجواز (فالجواب) أن ذلك يقال فيما يتكرر فعله لأنه صلى الله عليه وسلم كان يواظب فى معظم الأوقات على الصفة الكاملة؛ أما ما لم يفعله إلا مرة واحدة فلا يفعله إلا على أكمل وجوهه ومنه الحج فانه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد الهجرة إلا حجة واحدة بأجماع المسلمين وهى حجة الوداع، سميت بذلك لأنه ودع الناس فيها لا سيما وقد قال صلى الله عليه وسلم "لتأخذوا عنى مناسككم" (وللشافعية فى ذلك قولان) أصحهما تفضيل الركوب اقتداء به صلى الله عليه وسلم (قال الغزالى) من سهل عليه المشى فهو أفضل فى حقه، ومن ضعف وساء خلقه بالمشى فالركوب أفضل (قال النووى) والصحيح أن الركوب أفضل مطلقا والله أعلم
(36) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن بكر قال أنا ابن جريج أخبرنى عمر بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس- الحديث" (غريبه) (1) بفتح الصاد المهملة وضم الراء هو الذى لم يحج قط، وهو نفى معناه النهى. أى لا يترك الحج فى الاسلام من استطاعه، وأصله من الصر وهو الحبس والمنع، فمن ترك الحج مع الاستطاعة فقد منع عن نفسه الخير، وفى الموطأ قال مالك فى الصرورة من النساء التى لم تحج قط إنها إن لم يكن لها ذو محرم يخرج معها أو كان لها فلم يستطع أن يخرج معها أنها لا تترك فريضة الله عليها فى الحج ولتخرج فى جماعة النساء اهـ. وفى النهاية لا صرورة فى الأسلام (قال أبو عبيد) هو فى الحديث التبتل وترك النكاح، والصرورة أيضا الذى لم يحج قط وأصله من الصر الحبس والمنع، وقيل أراد من قتل فى الحرم قتل ولا يقبل منه أن يقول إنى صرورة ما حججت ولا عرفت حرمة الحرم، كان الرجل فى الجاهلية إذا أحدث حدثًا

الصفحة 45